حمل المصحف بكل صيغه

حمل المصحف

Translate

الأربعاء، 19 أكتوبر 2022

كلمة في الصداقة فؤاد بن عبدالله الحمد

من صيد الخاطر
كلمة في الصداقة
فؤاد بن عبدالله الحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
الصداقة، أو بالإنجليزية (Friendship): هي علاقة تقوم بين شخصين أو أكثر، ويكون أساسها الصِّدق، والمودَّة، والمحبَّة، والصداقة هي إحدى أهم العلاقات الاجتماعية التي تجري بين البشر. والصداقة في اللغة هي مصدر الصَّدِيق، وتعود في أصلها إلى الجذر اللغوي: (صَدَقَ)، وقد بين أهل اللغة أن هذا الجذر يدل على الشيء الذي يكون فيه قوة وصلابة، فهذه هي الدلالة اللغوية التي يحملها هذا الجذر، وأغلب الكلمات التي أخذت من هذا الجذر تدورُ في فلك هذه الدلالة، فمثلًا: الصِدقُ الذي هو خلِافُ الكذبِ، لماذا سُمِّيَ صدقًا؟ الجواب: سُمِّيَ بذلك لأنه قويٌّ في نفسهِ، وصلبٌ، فهو الإخبار عن حقيقة الأمر وواقعهِ، وهذا الإخبار قويٌّ؛ لأنه إخبار حقيقي، أما الكذب، فهو باطل، ولا قوة فيه؛ لأنه إخبار عن الأمر بخلاف ما هو عليه. والصداقة التي اشتقت من الجذر "صدق"، لماذا سميت بهذا الاسم؟ الجواب: سميت به لأن الأصل في هذه العلاقة هو الصدق في المودة والمحبة بين الأصدقاء. وقد عَرَّفَ المعجم الوسيط الصداقة على النحو التالي: « الصَّدَاقَةُ: علاقة مودّة ومحبةٍ بينَ الأَصدقاءِ. » ولكن هذا التعريف سيصبح أفضل لو أضيفت له كلمة "صادقة" بعد كلمة "ومحبة"؛ وذلك لأنّ الصدق هو عنصر أساسي في الصداقة، والصداقة لا تكون صداقة حقيقية من دونه، وعلى هذا، يصبح التعريف المختصر لهذه القيمة الإنسانية الكريمة - على النحو التالي: " الصداقة هي علاقة مودّة ومحبّة صادقة بين الأصدقاء".
الصداقة شيءٌ جميلٍ... جميلٌ جداً وهي قيمة كريمة وعنصرٌ هام جداً في الحياة وسر من أسرار السعادة بالحياة فالجميع يتفق على أن الصداقة تضيف نكهة خاصة للحياة ، وأن مع الاصدقاء نقضي أجمل الأوقات وأمتعها خاصة إن كانت تلك الصداقة عمادها الحب والاحترام والثقة المتبادلة. وتعتبر الصداقة أجمل لحظات العمر ، وحين تقديم السؤال لشخص ما - عن أجمل لحظة في حياته فسوف يربط أجمل اللحظات في حياته مع أصدقائه بلا أدنى شك، كما أن الصداقة تعرف بأنها مشاعر عاطفية ايجابية متبادلة بين الاصدقاء ، أن يسعى ويتمنى الفرد السعادة والخير للشخص الآخر دون انتظار مقابل ، كما أن الصداقة لا تقتصر بين الأفراد بل انها ايضاً بين الشعوب والأمم وحتى بين الكائنات الحية بالإضافة إلى المنظمات والمؤسسات.
الصداقة عطفٌ متبادلٌ بين شخصين أو أكثر، حيث يود كل منهما الخير للآخر ويتمنى الواحد منهما الحب والسلام لصديقه مع علمه بأن الآخر يبادله المشاعر نفسها ، فصديقك هو من يعيش معك ويشابهك في كل الأمور، سواءً أكان ذلك في الاذواق أو الأفكار وغيرها ، وهو الذي تسره مسراتك ويحزن لآلامك وأحزانك، وبذلك تقوم الصداقة على المعاشرة والتشابه والمشاركة الوجدانية. ولا يقتصر مفهوم الصداقة على الأفراد والأشخاص فحسب ، بل إن الصداقة تقوم أيضاً بين الأمم والشعوب والمنظمات والمدن والبلدان والدول وتعد الصداقة حاجة ضرورية من ضروريات الحياة والبقاء ، فالشخص لا يقدر على العيش بلا أصدقاء مهما توفر له من نعيم وخيرات فالأصدقاء هم ملاذنا – بعد الله سبحانه وتعالى - الذي نلجأ اليه في أوقات الضيق والشدة، والصداقة ضرورية للشباب – على وجه الخصوص - لأن الأصدقاء يمدون بعضهم البعض ويتأزرون بالنصائح التي تحميهم من الوقوع في الخطأ والزلل. ويقول ارسطو قوله الرائع: ( متى ما أحب الناس بعضهم البعض لم تعد حاجة إلى العدل غير انهم مهما عدلوا فانهم لا غنى لهم عن الصداقة ). ومن ناحية أخرى ، فإنه يقال : " أنه من كثر اصدقائه فلا صديق له "، وذلك لأن الإنسان لا يستطيع أن يحافظ على صداقات كثيرة ممتدة لأن الصداقة تحتاج إلى اهتمام وعطاء كبير وهذا أمر يفوق طاقة الإنسان العادي.
وبالنظر في كُتب الأقدمين – نجد أن ارسطو قد بيّن أن للصداقة أُسساً - وهي :" الفضيلة والمنفعة " وقد وضح أن صداقة " المنفعة " عرضية ومؤقتة تنتهي وتنقطع بانقطاع الفائدة أما صداقة " الفضيلة " فهي أفضل أنواع الصداقة ، فهي تقوم على تشابه الفضيلة وهي أكثر الصداقات دواماً. وتكون الصداقة في أكمل أوجهها عندما تتوافر لها أسس المحبة: " المنفعة والفضيلة " ، والصداقة الحقة لا تتكون بسرعة أبداً بل هي تُصنع صناعة بالجد وبالمثابرة وقبل ذلك بالنية الطيبة وبالحب والاحترام وبالرحمة والعطف المتبادل. كما أن الصداقة لا تكتمل وتنضج إلا على مدى الزمن. وبشكل عام يمكننا القول أن الصداقة تقوم في الأساس على القيم الفاضلة والمبادئ الكريمة المتفق عليها، ومتى ما انتفت تلك العناصر تلاشت تلك الصداقة حتى تنتهي وتموت.
الصداقة مشاعر سامية تتميز بالدفء والحنان وبالحب والتفاهم والانسجام التام بين طرفي العلاقة أو حتى أطراف العلاقة، ولكن للأسف أصبحت الصداقة في زماننا هذا - كأسطورة تحكى من قديم الزمان وكأنها لم تعد موجودة إلا في حكايات ألف ليلة وليلة... فقد أصبحت كثيرٌ من الصداقات في هذا الزمان لا تقوم على بنيان صلب قوي حيث أنها تنهار أمام أول وأقل مشكلة يواجهها الصديقان. فقد قد يصيبك من صديقك كلمة جارحة أو تجاهلٌ يؤلمكَ، أو حتى خيانة تهز أعماقك فتحاول بشتى الطرق والوسائل حل المشكلة التي طرأت بينك وبينه ولكنك تدرك فيما بعد أن صديقك لا يبذل الجهد نفسه للحفاظ على صداقتك، بل أنها تزيد الأمور سوءاً والأزمات تتأجج؛ فتشعر بأن عليك أتخاذ القرار الحاسم بأنهاء علاقة الصداقة مع هذا الصديق.!! لماذا؟ لأنها لم تُبنى تلك الصداقة على أساسٍ قويم وبكلمة أخرى " لم تُصنع صناعة جيدة تتحمل صدمات وأزمات الحياة الكثيرة والمتعددة ".
أخيراً وليس آخراً... تعدّ الصّداقة الحقيقيّة من أجمل العلاقات التي تحدث للفرد في حياته، فقط متى ما أوجدها أو بالأحرى متى ما قام بصناعتها الصناعة اللازمة.. فالصداقة يا صديقي القارئ الكريم - لها معانٍ لا يفهمها إلّا من يملك هذه الصنعة... من يملك صديقاً حقيقيّاً صدوقاً، وقد زخر تاريخنا العربي والإسلامي بالكثير الكثير من الكلام والعبارات وأيضاً المواقف العظيمة والكريمة التي تُعبّر عن الصّداقة الحقيقيّة والمعاني التي تحملها.. ولعلي في هذا المقام الكريم أوفق لأن أعينك يا صديقي على أن تبدأ مشوار صناعة الصداقة الحقيقية في حياتك إن شاء الله تعالى.
====
إذ أحبك الله رزقك التوبة

محمد المختار الشنقيطي

بسم الله الرحمن الرحيم
أثابكم الله فضيلة الشيخ يقول السائل :
أنا تائب من المعاصي ولله الحمد ولكن تصّور لي المعاصي في أوقات العبادة فكيف أتخلص منها أثابكم الله ؟
اسأل الله لنا ولك وللسائر المسلمين التائبين الثبات على طاعته ومحبته ومرضاته ، ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لَّدُنك رحمة انك أنت الوهاب
أخي في الله إن الله إذا أحب عبده رزقه التوبة والإنابة اليه سبحانه ، فقد أعطى الدنيا من أحب ومن كره ولم يعطي الدين والتوبة والإنابة اليه إلا لمن يحبه نسأل الله ان يجعلنا جميعاً من أحبابه ، فأحب ربك كما يسر لك الهدى وسهله لك ورزقك التوبة قبل أن تموت .
فكم من شاب طائش أتته منيته وحيل بينه وبين التوبة ولكن الله تداركك بلطفه ولما أنعم الله عليك بهذه النعمة وامتن عليك بهذه المنة أبى عدو الله ابليس الا ان يقعُد لك بالمرصد فهو في غيض وحسد وحقد لك فرأى كرامة الله لك وأراد ان يذلك وخسأ عدو الله فلن يستطيع ذلك بإذن الله
ومن هنا تمتحن في توبتك وتختبر وتبتلى من ربك فإن صدقت مع الله صدق الله معك
تتوب الى الله من الشهوات والمعاصي والملهيات فيأتيك عدو الله إناء الليل والنهار يزينها لك ؛ حتى لربما زينها لك في أشرف المواطن وأعظمها وهو موطن القرب من الله فيقول لك لو كنت تائباً صادقاً في توبتك لماذا تتذكر هذه الأمور وأنت واقف بين يّدي الله !
وكذب وفجر ولقم الحجر ولو انك قلت هذا ربي وهذا حبيبي وهذا الذي أدناني الى رحمته وهذا الذي قربني الى لطفه وبره وكرامته والله لن أترك سبيله ولن أحيد عن طريقه ، فإن عرضت عنه أقبّلت عليك الخيرات والباقيات الصالحات لأن الشهوة التي عصيت بها الله أُنزلت الى الدركات ؛ فحتى تخرج من هذه الدركات تتسلق الى الدرجات العُلا بإمتحانات وابتلاءات ومنها هذه الابتلاء .
فاصبر فإن الله يقويك ويعطيك من فضله ومنه وكرمه مالم يخطر لك على بال !
فظن بربك خير وإياك ثم إياك ان قال لك أنت لست بصادق أو قال لك انت منافق أو أنت لست صادق بتوبتك فكله كذب لا حقيقة له فإن أعرضت عن هذه الوساويس والخطرات لا يملك عدو الله الإ أن يوسوس وإذا أعرضت عن هذه الوساوس وأقبلت على الله رأيت حقيقة ما أنت فيه وهو رحمته ولطفه وبره ومعونته وتوفيقه
ليس للشيطان إلا هذا البلاء وهو ان يوسوس ويذكرك بالمواقف الرديئة والمنازل المخزية .
والنَّاس في هذا البلاء على أحوال منهم من يسترسل مع هذه الأفكار ومنهم إذا استرسل ينقطع ولا يستمر ومنهم من يستمر ثم يختلفون فالذين يستمرون في ذلك يضعف إيمانهم - نسأل الله السلامة والعافية - ويقوى سلطان الشيطان عليهم بقدر مايسترسلون من هذه الوساويس حتى أن بعضهم يرى نفسه بعد التزامه بطاعة الله واستقامته على محبة الله كأنه في سجن والعياذ بالله .
وإذا كمل إيمانه وعظم يقينه بالله عزوجل وقد مرت عليه ألذ الشهوات ومرت عليه أجمل الفتن الفاتنة إذا عُرضت عليه احتقرها في جنب ماهو من طاعة الله فيرفع إلى أعالي الدرجات لأن هذا الاحتقار بعد أن رأى وتلذذ وذاق لذة المعصية وهي لا لذة فيها بعد هذا كله ، يُعرض عنها بصدق فإن هذا يبدله الله عزوجل سيئاته حسنات ولذلك كم من أناس إذا رأيتهم علمت معنى الاستقامة وقوة الإيمان والثبات لو فتشت عن أمورهم لوجدت أنهم جاهدوا أنفسهم جهاد عظيم .
فأبشر مادمت مع الله عزوجل ولا تلفت الى هذه الوساوس ولا تلفت الى هذه الخطرات أي شيء يأتي في قلبك يُشكك في إيمانك أو يُشكك في رحمة الله لك أو يسيء ظنك بالله فاعلم انه الشيطان قد وضع خرطومه على قلبك ! وهي لمة الشيطان فإذا فرغت الى الله كما أمرك الله وقلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم أفلحت ونجحت لأنك عُذت بعظيم واتبع هذا بالصدق فالعبد الصالح الذي أناب الى الله يتقلب في الفتن ويتقلب في المحن على قدر إيمانه
لماذا ؟
لأن الذي ذاق اللذات والشهوات والمحرمات والمنكرات واستمتع وتلذذ ثم ولى ظهره لذلك البلاء صادقاً مُقبل على الله فلا يزال يتجرع الغُصص من كيد الشيطان فيذكره بها يذكره بها فيأذن ويقول ربي ربي التوبة التوبة ان الله طهرني فكيف أقبل على القاذورات والخبث والنجاسات لا وربي ياربي امتني قبل ان أعود اليها - النفس تتحدث - فالنفوس الطاهرة المؤمنة تمر بأشجان وأحزان لا يعلم بها الا الله جل جلاله .
الله أكبر إذا أقبلت القلوب على ربها فامتحنت وابتليت وفتنت ( أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لايفتنون )
هذه الفتن وهذه المحن وهنا يكون جهاد العبد لله جل جلاله جهاد النفس فيها مرير يأتي عدو الله بهذه الأمور يزينها وقد ذهبت مرارتها فإذا عادت العبد الصادق في التوبة والإنابة لا ينظر الى هذه الشهوات الا انها غصة في حلقه
من الشباب من ذاق لذة المعاصي لكن لو جاءو والله بأجمل صورة من المعاصي مارأها الا تحت قدمه من قوة إيمانه يقول أين هذا بكل مافيه من الجمال بكل مافيه من الفتن أين هذا أمام لذة العبادة والوقوف بين يدّي الله فإذ بالشيطان يُدحر فإذا بالشيطان يُقهر وإذا بالعبد الولي الصادق يُنصر وتفتح أبواب الرحمة على العبد وييسر له ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا إن الله لمع المُحسنين ) فبين الله تعالى ان هؤلاء الذين يجاهدون الشهوات وأحاديث النفس
ترى رجل مستقيم على طاعة ربه يخرج الى مسجده يخرج الى عمله فتمر عليه فتن طالما
حينما كان بعيداً عن الله تفعل الافاعيل فإذا به يحتقرها ولو جاءته المراءاة عارية كيوم ولدتها أمها من صّدق إيمانه بالله لاتزلزله الفتن قد باع نفسه لله وباع عمره لله فجعل الجنة والنار أمام عينيه فلا يبالي للفتنة
لا يضعف المؤمن لا يضعف ! ولذلك الشيطان يسول للإنسان الضعف فتجد البعض يقول والله ياشيخ ان الفتن تكالبت لايوجد هذا !! أنت في فتنه ! مُنذ ان تقول ربي الله أنت مفتون لا يوجد تكاسل ! حياةً أو موت. .. سعادة ً أو شقاء !
رحمةً أو عذاب ! ( ان هدينا السبيل إما شاكرا و إما كَفُورا ) إما شكرا وإما كفر فلا يحتاج الانسان !
فتجد العبد الصادق في إيمانه واستقامته والتزامه لربه لاينتظر موعظة
من الناس من إذا استقام عبى سبيل ربه مع كثرة الفتن التي يتجرعها ثابت على دين الله عزوجل حتى لايحتاج الى موعظة لأن الله وعظه
من الناس من لايفتقر الى موعظة أحد ولا الى تذكير أحد لأن ربه وعظه .
ما قام الا تذكر الله ولا قعد الا ذكر الله ووالله ان الإيمان لايزال يتغلغل في قلب العبد حتى يجد لذته وحلاوته فلو أن الفتن جاءته على أسوء ماتكون وأشر ماتكون لم تؤثر في إيمانه خردله أبداً ولو عرضت عليه أجمل وأكمل ماتكون من الفتن لن يلقي لها بالاً وأقبل على سوق الآخرة والأخرة تنسي ماسواها ! فيستحي من الله عزوجل بعد ان استقام على طاعة الله عزوجل مايلتفت ولو كان في أسوء الأزمنة فتن ، لم يزده ذلك الإ صلابة في دين الله وثبات على طاعة الله ومحبة الله يقول يارب اصطفيتني في هذا الزمان زمن الفتن والمحن أي نعمة تلك ما أريد ياربي الا أن تثبتني على هذه الطاعة يارب أُريد أن أجمل عندك يارب أُريد أن أكمل في طاعتك ومحبتك .. هذا شغله الشاغل
أما ان يأتيه فتنة أو محنة أو يأتيه مفتون ممتحن ليفتنه عن دين الله فهذا أبعد من النجم في السماء !
قلوب أمنت ونفوس أيقنت وأقبلت على ربها وصدقت .
من المؤمنين ليس كل المؤمنين ( من المؤمنين رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) كأنه لما التزم بطاعة الله واستقام على محبة الله عاهد ربه انه لايكفر النعمة وانه اذا جاءه الشيطان وقال له : أنت جالس هنا وانظر الى هذا الذي يستمتع وهذا الذي يتمتع وهذا الذي يُفتن مايرى ذلك الا تحت أقدامه لاتؤثر فيه الفتن .
(تُعْرَضُ الفتن على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادًّا؛كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هواه)[١]
على أبيض مثل الصفاء لاتزال الفتن تُعرض عليه فتحتقرها ولا تضعف ولا تستلم !
يارب اخترتني في هذا الزمان مع مافيه من الفتن والمحن .. يارب أسألك وأبتهل إليك .. ويكون شغلك الشاغل ان يثبتك على طاعته همك الذي تهتم به ان الله يبلغك الدرجات العُليا في التزامك واستقامتك
لا تضعف فهذه الشهوات التي يعرضها عدو الله لاتسمن ولاتغني من جوع !
ومن الناس من عرف الحرام بأنواعه وأشكاله فلما استقام على طاعة ربه لم يحس بلذة ولو عرضت عليه هذه الشهوات ماوجدها الا مرارة يغُص بها
ثم إذا ضعف الايمان أنصت الى الشيطان .. ثم إذا ضعف أكثر انه والعياذ بالله يسترسل مع هذه الفتن ويضعف
والنَّاس درجات في طاعة الله ومحبة الله فأصدق مع الله عزوجل !
ولذلك إذا قوّي الايمان أشتد البلاء فإياك ثم إياك أن تسيء الظن بالله وتقول أنا مستقيم كيف اتذكر هذه المواطن !
بعضهم يقول أتذكرها وأنا ساجد بين يدّي الله ومنهم من يقول ابتليت بالمواقع الإباحية فأرى فيها مايسوء المنظر وتعرض عليه في صلاته نعم تعرض عليك بالصلاة ! تُعرض عليك بموقف بين يّدي الله حتى تتوب الى الله منها توبة نصوحة وإذا رأيت الحرام وازدريته واحتقرته ؛ ثبت الله جنانك وخلص الله جوارحك وأركانك من فتنها ومحنها
فأصدق مع الله فإن من صدق مع الله صدق الله معه ( والله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
إياك ان تحس يوماً من الأيام بعد استقامتك إنك تحتاج الى شيء غير شيء واحد وهو رحمة الله ليس هناك شيء تحتاجه الا ان يرحمك الله برحمته لا تحس بعد الاستقامة ان هذه الفتن التي تراها وتسمعها وتشاهد الغير يتقلب فيها فوالله ثم والله لو نظرت الى شخص يتقلب في الفتن ويتلذذ بالمعاصي أقسم بالله انه في جحيم في نفسه لايعلمه الا الله جل جلاله وفي زهّق لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى فلا يغرنك فلقد أحاطك ربك ما تتمناه النفوس فاستقم على طاعة ربك
ان الله يسمعك ويراك مُطلع على قلبك !
أي قلب ذلك القلب الذي إذا نظر اليه ربه وجده يقلبه الشيطان في الفتن فلا يتقلب !
أي قلب ذلك القلب الذي أقبل على الله سبحانه وتعالى إقبال الصادقين فلم تزده المعاصي والشهوات والملهيات وأصحاب الفتن والمحن الإ احتقاراً لها !
يخرج من بيته فإذا رأى أهل الفساد وأهل المعاصي لايشعر انه ناقص ولا يشعر انهم يتلذذون
يُحس انه هو بإذن الله عزوجل المفضل بتفضيله ويرجو لهم التوبة والخير ولا يحس انه أفضل منهم
لكن لا يحس أن عندهم شيء يحتاجه !
إياك ! لأن إذا شعرت ان من لم يستقم على طاعة الله أكمل منك فقد ازدريت نعمة الله عزوجل
وعندها يكون زيغ للقلب ( فلما زاغوا أَزَاغ الله قلوبهم ) وإذا قال الله تعالى ( ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )
فلا يزغ قلبك !
ومهما رأى الانسان من المحرمات والمعاصي والملهيات
نعمة الله عزوجل عليه .
والله أكبر من كل شيء سبحانه مقلب القلوب .. سبحانه علام الغيوب .. سبحانه مفرج الكروب !
ولا كربة أعظم من كربة الدين ومن صدق مع الله صدق الله معه .
وان العيون التي تلذذت بمعصية الله إذا دمعت من خشية الله طهرت وزكت
وما أجرى الله مدامعها الإ وهو يريد خير بها وبأهلها
وان العيون لو رأت ما رأت من المواقع الإباحية التي أوذي بها شباب المسلمين والمؤمنين فإن ربك غفور رحيم وربك حليم كريم
ومن تقوّا بالله قواه الله ومن اعتز بالله أعزه الله فليقل ربي عليك توكلت .
ولو أنه انغمس في شهواته من شعر رأسه الى أخمص قدمه لايمكن أن يُزعزع يقينه بربه ويقول يخرجني الله منها ولو عظمت
وإني أرجو الله ان ينتزعها من قلبي ولو كثرت
كُن مع الله ولا تبالي ! كُن مع الله وأقبل على الله إقبال الصادقين ( فماعندكم ينفذ وماعند الله باق )
هذا الذي تراه من الشهوات لذة ساعة وألم دهر والذي أنت تراه من المحن والفتن عذاب لحظة وسعادة عمر
فكن مع الله واصدق مع الله وإياك ثم إياك أن تلفت الى شيء غير الله عزوجل وأن أسعد الناس في هذه الدنيا من امتلئ قلبه بالله ومن أنساه الله كل شيء .
اللهم أنت الله لا إله الا أنت نسألك وقد مننت علينا بهدايتك ولطفك ورحمتك اللهم لا إله الا أنت نسألك رحمة من عندك تهدي بها قلوبنا .. اللهم اهد بها قلوبنا اللهم اهد بها قلوبنا وأصلح بها قوالبنا وأبكي بها عيوننا من خشيتك واملئ بها جوارحنا وأعضاءنا بطاعتك ومحبتك .
سبحانك يامقلب القلوب سبحانك ياعلام الغيوب !
اللهم هب لنا من لَّدُنك رحمة انك أنت الوهاب
اللهم إنَّا نسألك رحمة تصلح بها مافسد منا .. اللهم أصلح فساد قلوبنا وقوالبنا وخذ بنواصينا لما يرضيك عنا وسدد أقوالنا وصوب أراءنا وأعنا وثبت على طاعتك ومحبتك قلوبنا ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لَّدُنك رحمة إنك أنت الوهاب .
إليك نشكو ضعفنا وقلة حيلتنا وعظم الفتن والمحن التي تُحيط لنا خلصنا يارب منها ومن أهلها ومن كل شر وأسلمنا إليك مسلمين مؤمنين مُخبتين وثبتنا على ذلك حتى نلقاك يوم الدين وأنت راضٍ عنا يا أرحم الراحمين
اللهم سبقنا الصالحون بصلاحهم بعد فضلك ومّنك وكرمك فنسألك اللهم رحمة من عندك ندرك بها من سبقنا ونفوت بها من بعدنا واجعل لنا على خير يرضيك عنا
سبحانك ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين
====
صلاة التسابيح وما ورد فيها
محمد سعيد قاسم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :
- تعريفها :
صلاة التسابيح : صلاة نافلة مخصوصة اشتملت على ثلاثمائة تسبيحة.
- دليلها :
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: «يا عباس! يا عماه! ألا أعطيك؟ ألا أمنحُك؟ ألا أَحْبُوك؟ ألا أفعل بك؟ عشرَ خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك؛ أولَه وآخرَه، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سرَّه وعلانيته، عشر خصال، أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
- حكمها :
للعلماء في ذلك قولان:
الأول: سنة ودليلهم الحديث السابق.
الثاني: بدعة وهذا قول من يضعِّف الحديث.
- كيفيتها :
تصلى صلاة التسابيح أربع ركعات ، أي بتسليمة واحدة ، و في كل ركعة تقرأ فاتحة الكتاب و سورة من سور القرآن الكريم ، و بعد الإنتهاء من القراءة يبدأ العبد بالتسبيح بسبحان الله و الحمد الله و لا إله إلا الله و الله أكبر ، خمس عشرة مرة لكل واحدة و من ثم يركع المصلي و و بعد التسبيح المعتاد يقول في ركوعه التسبيحات السابقة عشرة مرات
ماورد فيها من آراء العلماء /
- صحة صلاة التسابيح للإمام الألباني رحمه الله:
السائل: ما مدى صحة صلاة التسبيح؟
الألباني (رحمه الله): صلاة التسبيح من الأحاديث التي اختلف فيها علماء الحديث اختلافًا عجيبًا، فما بين قائل بأن حديث صلاة التسبيح موضوعٌ، وما بين قائل بأنه صحيحٌ، وسبب هذا الاختلاف الشديد يعود إلى أمرين اثنين: الأمر الأول: أن هذه الصلاة -حقيقة- لم ترد بإسناد صحيح تقوم به الحجة. والسبب الثاني: أنها خالفت كل الصلوات المشروعات في هيئتها؛ فكانت شاذة من هذه الحيثية، فالذين حكموا بوضعها نظروا إلى هاتين الحقيقتين: أنه لا إسناد لها صحيح تقوم به الحجة؛ ثم المتن مخالف في كل الصلوات الثابتة في السنة. لكن الذين ذهبوا إلى تصحيحها أو تحسينها -على الأقل- فوجهة نظرهم: أنه صحيح أن هذه الصلاة، أو حديث التسبيح ليس له إسناد صحيح مستقل؛ ولكن له طرق كثيرة؛ ومن قاعدة علماء الحديث: أن الحديث الضعيف يتقوَّى بكثرة الطرق، وهذا الحديث له طرقٌ يتقوى بها، هذا من جهة. من جهة أخرى قد ثبت عن بعض السلف؛ وهو بالذات عبد الله بن المبارك وهو من كبار شيوخ الإمام أحمد؛ فقد كان يذهب إلى صلاتها فكان يصلِّيها، ويبعد بالنسبة لمثل هذا الإمام أن يعمل بحديث غير ثابت لديه. فإذا نظرنا إلى هذه المجموعة وخلاصتها: حديث صلاة التسبيح جاء من طرق يقوي بعضها بعضًا، زائد إلى أن عبد الله بن المبارك كان يصليها؛ تطمئن النفس حينذاك لصحة الحديث؛ وبالتالي يثبت شرعية صلاتها. وحينذاك يندفع الشبهة التى ذكرتها -آنفًا- حكاية عن القائلين بعدم صحتها-: أن المشابهة في بعض الصَّلوات لا يشترط أن تكون؛ لأننا نعلم أن هناك صلاة صحيحة بإتفاق العلماء، ومع ذلك فهي تختلف عن كل الصلوات في الوقت أن صلاة التسبيح تلتقي من هذه الجهة مع كل الصلوات. أعني بالصلاة التي تخالف كل الصلوات؛ هى "صلاة الكسوف"، فنحن نعلم جميعًا أن صلاة الكسوف يشرع فيها ركوعان في كل ركعة، ولا يشرع سجودان؛ فمن حيث أنه يشرع ركوعان في الركعة الواحدة في صلاة الكسوف فقد خالفت كل الصلوات المعروفات من هذه الحيثية؛ لأنه لا صلاة أخرى يشرع فيها ركوعان في الركعة الواحدة، فهل كان وجود مثل هذه المخالفة للصلوات الخمس وغيرها سببًا للطعن في صحة الحديث؟ الجواب: لا، لأنَّ الله -تبارك وتعالى- له أن يَشرع لعباده ما يشاء من الصلوات والكيفيات؛ فالعبرة إذن ليس هو أن تكون العبادة لها مثيلات؛ وإنما أن تكون ثابتة بالطرق التي تثبت كل العبادات. فإذا تركنا هذا الجانب من النقد -الذي هو نقد جانب المتن لصلاة التسابيح- ورجعنا إلى الأسانيد، وعرفنا أن بعضها يقوي بعضًا، وأن بعض السلف عمل بها؛ فحينذاك لا يبقى لنقد كيفية هذه الصلاة وجه يعتد به؛ فينهض آنذاك قول من قال بثبوت حديث صلاة التسابيح؛ وبالتالي ثبوت التعبُّد بها على الأقل بالعمر مرة؛ كما جاء في نفس الحديث، وعلى الأكثر في كل يوم مرة، هذا ما عندي جوابًا عن هذا السؤال.
والله أعلم
- ما حكم صلاة التسابيح؟ هل ورد فيها حديث صحيح وما هو؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في صلاة التسابيح فذهب الجمهور إلى استحبابها قال ابن عابدين ~" وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه وفيها ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين والطعن في ندبها بأن فيها تغييراً لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك "~~ ا هـ وقال الصاوي في حاشيته ~" وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب ..."~~ وقال الخطيب الشربيني ~" وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره. وذهب الحنابلة إلى عدم سنيتها وجواز فعلها لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وذهب بعضهم إلى القول باستحبابها قال البهوتي في كشاف القناع ~" يفعلها أي صلاة التسبيح على القول باستحبابها كل يوم مرة..."~~ وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى ~" ولا تسن صلاة التسبيح قال الإمام أحمد: ما يعجبني قيل لم قال يسن فيها شيء يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة قال الموفق وإن فعلها إنسان فلا بأس لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال "~~ ا هـ. هذا عن حكم صلاة التسابيح عند أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة وأما الحديث الوارد فيها فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: "يا عماه ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإن فرغت من القرآن قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً. فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في الأربع ركعات. إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة". وقد اختلف الحفاظ في الحكم على هذا الحديث فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه والذين صححوه هم جمهور المحققين ، ومن هؤلاء: الدارقطني ، والخطيب البغدادي ، وأبو موسى المدني. وكل ألف فيه جزءاً ، وأبو بكر بن أبي داود ، والحاكم ، والسيوطي ، والحافظ ابن حجر ، والألباني ، وغيرهم. وممن ضعفوا الحديث ابن الجوزي ، وسراج الدين القزويني ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، والإمام أحمد ، وغيرهم. إلا أن الحافظ ابن حجر قال: (قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك (أي عن تضعيف الحديث) فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح ، فقال: لا يصح فيها عندي شيء. قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو ، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم ، قال: المستمر ثقة ، وكأنه أعجبه . والحق ـ إن شاء الله تعالى ـ أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن لكثرة طرقه التي يتقوى بها كما يقول الحافظ ابن حجر في أجوبته المشهورة على أسئلة عن أحاديث رميت بالوضع اشتمل عليها كتاب المصابيح للإمام البغوي، وهذه الأجوبة ملحقة بالجزء الثالث من كتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي لمن أراد الاطلاع عليها . . والله أعلم.
المصدر / http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=2501
- وهذا قول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في صلاة التسابيح /
قبل أن نجيب على حكم "صلاة التسبيح" نبين صفتها على حسب ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب يا عباس، "يا عماة: ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك، أوله وأخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته؟ عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً وتقولها وأنت ساجد عشراً ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، وإن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة"، هذا أمثل ما روي فيها، والحديث (رواه أبو داود، وابن ماجة، وابن خزيمه في صحيحه) وقال: إن صحَّ الخبر فإن في القلب من هذا الإسناد شيئاً.
وقد اختلف الناس في صلاة التسبيح في صحة حديثها والعمل به:
فمنهم من صحَّحه، ومنهم من حسَّنه، ومنهم من ضعَّفه ومنهم من جعله في الموضوعات، وقد ذكر "ابن الجوزي" أحاديث صلاة التسبيح وطرقها وضعَّفها كلها، وبين ضعفها وذكره في كتابه (الموضوعات).
قال "الترمذي": روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة التسبيح غير حديث، قال: ولا يصح منه كبير شيء، ونقل "النووي" عن "العقيلي": ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وكذا ذكره "ابن العربي" وآخرون أنه ليس فيه حديث صحيح ولا حسن، وقال "النووي": في استحبابها نظراً؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروفة فينبغي أن لا تفعل بغير حديث، وليس حدينها ثابت ذكره في (شرح المهذب).
ونقل "السيوطي" في (اللآلئ) عن "الحافظ ابن حجر" قوله: والحق أن طرقه كلها ضعيفة، وأن حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن إلا نه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع، والشاهد من وجه معتبر ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات، و"موسى بن عبد العزيز" وإن كان صادقاً صالحاً فلا يحتمل منه هذا التفرد، وقد ضعفها "ابن تيميه"، و"المزي"، وتوقف "الذهبي"، حكاه "ابن عبد الهادي" عنهم في أحكامه أهـ كلامه.
مع أنه في جوابه عما قيل في بعض أحاديث (المشكاة) قال: "الحق أنه في درجة الحسن لكثرة طرقه" فاختلف كلامه فيه رحمه الله والله أعلم، وقال صاحب (الفروع) في حديث صلاة التسبيح: (رواه أحمد)، وقال: لا يصح، قال: وادعى شيخنا أنه كذب، كذا قال، ونص "أحمد" وأئمة أصحابه على كراهتها، ولم يستحبها إمام، واستحبها "ابن المبارك" على صفة لم يرد بها الخبر لئلا تثبت سُنة بخبر لا أصل له، قال: وأما "أبو حنيفة"، و"مالك"، و"الشافعي" فلم يسمعوها بالكلية، هذا كلام صاحب (الفروع) أحد تلاميذ شيخ الإسلام "ابن تيميه" رحمهم الله تعالى.
والذي يترجح عندي أن صلاة التسبيح ليست بسُنة، وأن خيرها ضعيف وذلك من وجوه:
الأول: أن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل تثبت به مشروعيتها.
الثاني: أن حديثها مضطرب، فقد اختلف فيه على عدة أوجه.
الثالث: أنها لم يستحبها أحد من الأئمة، قل شيخ الإسلام "ابن تيميه" رحمه الله تعالى: "قد نص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها ولم يستحبها إمام". قال: "وأما ابو حنيفة ومالك والشافعي فلم يسمعوها بالكلية".
الرابع: أنه لو كانت هذه الصلاة مشروعة لنقلت للأمة نقلاً لا ريب فيه، واشتهرت بينهم لعظم فائدتها، ولخروجها عن جنس العبادات، فإننا لا نعلم عبادة يخير فيها هذا التخير، بحيث تفعل كل يوم، أو في الأسبوع مرة، أو في الشهر مرة، أو في الحول مرة، أو في العمر مرة، فلما كانت عظيمة الفائدة، ارجة عن جنس الصلوات، ولم تشتهر، ولم تنقل علم أنه لا أصل لها، وذلك لأن ما خرج عن نظائره، وعظمت فائدته فإن الناس يهتمون به وينقلونه ويشيع بينهم شيوعاً ظاهراً، فلما لم يكن هذا في هذه الصلاة علم أنها ليست مشروعة، ولذلك لم يستحبها أحد من الأئمة كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى، وإن فيما ثبتت مشروعيته من النوافل لخير وبركة لمن أراد المزيد، وهو في غنى بما ثبت عما فيه الخلاف والشبهة.
- وهذا القول من موقع الإسلام سؤال وجواب ، الشيخ / محمد صالح المنجد
لقد ورد في صلاة التسابيح حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحسَّنه بعض أهل العلم ، ولكن ذهب كثيرون إلى ضعفه وعدم مشروعية هذه الصلاة . وقد سئلت اللجنة الدائمة عن صلاة التسابيح فأجابت :
صلاة التسابيح بدعة وحديثها ليس بثابت ، بل هو منكر ، وذكره بعض أهل العلم في الموضوعات .
انظر فتاوى اللجنة الدائمة م/8 ص/163
وقال الشيخ ابن عثيمين : صلاة التسابيح غير مشروعة وذلك لضعف حديثها قال الإمام أحمد : لا تصح ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية هي كذب ، وقال إنه لم يستحبها أحد من الأئمة وصدق رحمه الله فإن من تأمل تلك الصلاة وجد فيها من الشذوذ في كيفيتها وصفتها ووجد فيها الشذوذ في فعلها ، ثم إنها لو كانت مشروعة لكانت مما توافر الروايات على نقلها لكثرة فضلها وأجرها ، فلما لم يكن ذلك ولم يستحبها أحد من الأئمة علم أنها ليست بصحيحة . ووجه شذوذ عملها كما جاء في الحديث الذي روي فيها يصليها في كل يوم مرة أو في كل أسبوع أو في كل شهر أو في كل سنة أو في العمر مرة ، وهذا دليل على أنها ليست بصحيحة ، ولو كانت مشروعة لكانت على وجه مستمر ، لا يُخيَّر فيها الإنسان هذا التخيير المتباعد المترامي الأطراف ، وبناء على ذلك فإن الإنسان لا ينبغي له أن يفعلها . والله أعلم .
فتاوى منار الإسلام 1/203
والله أجل وأعلم
===============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

3. سورة ال عمران {ج5}

3. سورة ال عمران {ج5}    سُورَةُ آل عِمْرانَ الآيات (187-188) ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ...