حمل المصحف بكل صيغه

حمل المصحف

Translate

الجمعة، 4 نوفمبر 2022

ج66.وج67.وفاة شرف الدولة البويهي والعهد إلى أخيه أبي نصر بهاء الدولة . العام الهجري : 379 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 989.



ج66.وفاة شرف الدولة البويهي والعهد إلى أخيه أبي نصر بهاء الدولة . العام الهجري : 379 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 989
تفاصيل الحدث:

هو صاحِبُ العِراقِ السُّلطانُ أبو الفوارسِ شَرَفُ الدولةِ, شيرويه بن عَضُد الدولة بن بُوَيه الديلمي الشيعي. تمَلَّكَ وظَفِرَ بأخيه صمصام الدولة فسَجَنَه، وكان فيه خيرٌ, وأزال المُصادرات وتمَلَّك بعده أخوه بهاءُ الدولة، وكان أخوهما الصمصام هو الذي تمَلَّك العراقَ بعد أبيهم عَضُد الدولة ثلاثةَ أعوام, ثم أقبل شرفُ الدولة لحَربِه, فذَلَّ وسَلَّمَ نَفسَه إلى أخيه, فغدر به وحبسه بشيراز إلى أن مات. تعَلَّلَ بالاستسقاءِ, وبَقِيَ لا يحتَمي, حتى مات, لم يبلُغ الثلاثينَ, وحُمِلَ إلى مشهدِ أميرِ المؤمنين علي، فدُفِنَ به، وكانت إمارتُه بالعراق سنتين وثمانية أشهر. لَمَّا اشتَدَّت عِلَّةُ شَرَف الدولة سيَّرَ ولَدَه أبا عليٍّ إلى بلاد فارس، وأصحَبَه الخزائِنَ والعُدَد وجماعةً كثيرةً مِن الأتراك، فلَمَّا أيِسَ أصحابُه منه اجتمع إليه أعيانُهم وسألوه أن يمَلِّكَ أحدًا، فقال: أنا في شُغُلٍ عمَّا تدعونني إليه. فقالوا له ليَأمُرْ أخاه بهاء الدولةِ أبا نصر أن ينوبَ عنه إلى أن يُعافى ليحفَظَ النَّاسَ لئلَّا تثورَ فِتنةٌ، ففعل ذلك، وتوقَّفَ بهاءُ الدولة ثمَّ أجاب إليه، فلما مات جلس بهاءُ الدولة في المملكة، وقعد للعَزاءِ.
وفاة أبي بكر الزبيدي أحد علماء النحو واللغة .
العام الهجري : 379 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 989
تفاصيل الحدث:

هو أبو بكرٍ مُحمَّدُ بنُ الحَسَن بن عبد الله بن مَذْحِج بنِ محمد بن عبد الله بن بشر الزبيدي الإشبيليُّ نَزيلُ قرطبة؛ كان واحِدَ عَصرِه في علم النحو وحِفظِ اللغة، وكان أخبَرَ أهلَ زمانِه بالإعراب والمعاني والنوادر، إلى علمِ السِّيَر والأخبار، ولم يكُنْ بالأندلس في فنه مثلُه في زمانه، وله كتُبٌ تدُلُّ على وفورِ عِلمِه؛ منها "مختصر كتاب العين" وكتاب "طبقات النحويين واللغويين بالمشرق والأندلس" و "لحن العامة" و "الواضح في العربية" و "الأبنية في النحو" ليس لأحد مثله. واختاره الحَكَمُ المنتصِرُ بالله صاحِبُ الأندلس لتأديب ولَدِه ووليِّ عَهدِه هِشام المؤيَّد بالله، فكان هو الذي عَلَّمَه الحسابَ والعربيَّة، ونفعه نفعًا كثيرًا، ونال أبو بكر الزبيديُّ منه دُنيا عريضةً، وتولَّى قضاء إشبيليَّة وخُطَّة الشرطة، وحَصَّل نعمةً ضَخمةً لَبِسَها بنوه من بعده زمانًا. وكان يستعظِمُ أدبَ المؤيَّد بالله أيَّامَ صِباه، ويصِفُ رجاحتَه وحِجاه، ويزعم أنَّه لم يجالِسْ قَطُّ من أبناء العُظَماءِ مِن أهل بيتِه وغيرِهم في مِثلِ سِنِّه أذكى منه ولا أحضَرَ يَقظةً وألطفَ حِسًّا وأرزَنَ حِلمًا. توفي يوم الخميس مُستهَلَّ جُمادى الآخرة بمسقَطِ رأسه إشبيليَّة، ودُفِنَ ذلك اليومَ بعد صلاة الظهر، وصلَّى عليه ابنه أحمد، وعاش ثلاثًا وستين سنة، رَحِمَه الله تعالى.
ابتداء دولة بني مروان بديار بكر .
العام الهجري : 380 العام الميلادي : 990
تفاصيل الحدث:

لَمَّا قُتِلَ باذ الكردي سار ابنُ أخته أبو عليِّ بنُ مروان الكردي في طائفةٍ مِن الجيش إلى حصن كيفا، وهو على دجلة، وهو من أحصَنِ المعاقل، وكان به امرأةُ باذ وأهلُه، فلمَّا بلغ الحِصنَ قال لزوجة خالِه: قد أنفذني خالي إليك في مُهِمَّة، فظنَّتْه حقًّا، فلمَّا صَعِدَ إليها أعلَمَها بهلاكِه، وأطمَعَها في التزوُّجِ بها، فوافقَتْه على مُلكِ الحِصنِ وغَيرِه، ونزل وقصَدَ حصنًا حصنًا، حتى مَلَك ما كان لخالِه، وسار إلى ميافارقين، وسار إليه أبو طاهرٍ وأبو عبد الله ابنا حَمدانَ طمعًا فيه، ومعهما رأسُ باذ، فوجدا أبا عليٍّ قد أحكَمَ أمْرَه، فتصافُّوا واقتَتَلوا أكثَرَ مِن مَرَّة، وأقام ابنُ مروان بدِيارِ بَكرٍ وضَبَطَها، وأحسَنَ إلى أهلِها، وألان جانِبَه لهم، فطَمِعَ فيه أهلُ ميافارقين، فاستطالوا على أصحابِه، فأمسك عنهم إلى يومِ العيد، وقد خرجوا إلى المصلَّى، فلمَّا تكاملوا في الصَّحراءِ وافى إلى البلَدِ، وأخذ أبا الصَّقرِ شيخَ البلد فألقاه مِن على السور، وقبَضَ على من كان معه، وأخذ الأكرادُ ثيابَ النَّاسِ خارِجَ البلد، وأغلق أبوابَ البلَدِ، وأمَرَ أهلَه أن ينصَرِفوا حيثُ شاؤوا، ولم يمَكِّنْهم من الدُّخولِ، فذهبوا كلَّ مذهَبٍ.
تفاقم خطر العيَّارين في بغداد وقيام فتنة بينهم وبين أهلها .
العام الهجري : 380 العام الميلادي : 990
تفاصيل الحدث:

تفاقَمَ الأمرُ بالعيَّارينَ (وهم طائفة من أهل الدعارة والنهب واللصوصية) ببَغداد وصار الناسُ أحزابًا، في كلِّ مَحلَّةٍ أميرٌ مُقَدَّمٌ، واقتتل النَّاسُ وأُخِذَت الأموالُ، وأُحرِقَت دُورٌ كِبارٌ، ووقع حريقٌ بالنَّهارِ في نهر الدجاج، فاحتَرَق بسببه شيءٌ كثيرٌ للناسِ.
مسير جيش العزيز العبيدي (الفاطمي) إلى حلب للاستيلاء عليها .
العام الهجري : 381 العام الميلادي : 991
تفاصيل الحدث:

لَمَّا مات سعدُ الدَّولةِ الحَمدانيُّ صاحِبُ حَلَب، سار الوزيرُ أبو الحسن المغربي من مَشهدِ عليٍّ إلى العزيز بمصرَ، وأطمَعَه في حلب، فسيَّرَ جيشًا وعليهم منجوتكين أحدُ أمرائه إلى حلب، فسار إليها في جيش ٍكثيفٍ فحَصَرها، وبها أبو الفضائلِ ولؤلؤٌ، فكتبا إلى بسيل مَلِكِ الرومِ يستَنجِدانِه، وهو يقاتِلُ البلغار، فأرسل بسيل إلى نائِبِه بأنطاكيةَ يأمُرُه بإنجاد أبي الفضائل، فسار في خمسينَ ألفًا، حتى نزل على الجسرِ الجديدِ بالعاصي، فلمَّا سَمِعَ منجوتكين الخبَرَ سار إلى الرومِ؛ ليلقاهم قبل اجتماعِهم بأبي الفضائلِ، وعبَرَ إليهم العاصي، وأوقعوا بالرُّومِ فهزموهم ووَلَّوا الأدبارَ إلى أنطاكيةَ، وكثُرَ القتلُ فيهم، وسار منجوتكين إلى أنطاكيةَ، فنهب بلَدَها وقُراها وأحرَقَها، وأنفذ أبو الفضائِلِ إلى بلَدِ حَلَب، فنَقَل ما فيه من الغِلالِ، وأحرق الباقيَ إضرارًا بعساكِرِ مِصرَ، وعاد منجوتكين إلى حلب فحصرها، فأرسل لؤلؤٌ إلى أبي الحسَنِ المغربي فبذل لهم مالًا ليَرُدُّوا منجوتكين عنهم هذه السَّنَة، بعِلَّةِ تَعَذُّرِ الأقوات، ففعلوا ذلك، وكان منجوتكين قد ضَجِرَ مِن الحرب، فأجابهم إليه وسار إلى دمشق، ولَمَّا بلغ الخبَرُ إلى العزيز، غَضِبَ وكتب بعَودِ العَسكرِ إلى حلب، وإبعاد المغربيِّ، وأنفذ الأقواتَ مِن مِصرَ في البحرِ إلى طرابلس، ومنها إلى العَسكرِ، فنازل العسكَرُ حَلَب، وأقاموا عليها ثلاثةَ عشَرَ شهرًا، فقَلَّت الأقواتُ بحَلَب، وعاد أبو الفضائِلِ إلى مراسلةِ مَلِك الرومِ والاعتضاد به، وقال له: متى أخِذَت حلب أخِذَت أنطاكية وعَظُم عليك الخَطبُ، وكان قد توسَّطَ بلادَ البلغار، فعاد وجَدَّ في السَّيرِ، وكان الزَّمانُ ربيعًا، وعسكَرُ مِصرَ قد أرسل إلى منجوتكين يعَرِّفُه الحال، وأتَتْه جواسيسُه بمِثلِ ذلك، فسار كالمنهَزِم عن حَلَب، ووصل مَلِكُ الرُّومِ، فنزل على باب حَلَب، وخرج إليه أبو الفضائلِ ولؤلؤ، وعاد إلى حَلَب، ورحَلَ بسيل إلى الشام، ففتح حِمصَ وشيزر ونهبَهما، وسار إلى طرابلس فنازَلَها، فامتنعت عليه، وأقام عليها نيفًا وأربعينَ يومًا، فلما أيِسَ منها عاد إلى بلادِ الروم، ولَمَّا بلغ الخبَرُ إلى العزيز عَظُم عليه، ونادى في النَّاسِ بالنَّفيرِ لِغَزوِ الروم، وبرز من القاهرةِ، وحدث به أمراضٌ مَنَعتْه، وأدركه الموتُ.
خلع الخليفة العباسي الطائع لله واستخلاف ابن عمه القادر بالله .
العام الهجري : 381 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 991
تفاصيل الحدث:

قيل في سَبَبِ خَلعِ الطائعِ وهو عبد الكريم أبو بكر عِدَّةُ أشياءَ؛ منها: أنَّه عجز عن دفع مصاريفِ الجُندِ، ومنها أنَّه بسَجنِه للشَّيخِ المفيدِ سَبَّبَ ذلك جفوةً بينه وبين بهاءِ الدَّولة، وقيل غيرُ ذلك، فكان خَلعُه حين جاء بهاءُ الدولة إلى دارِ الخلافة، وقد جلس الطائِعُ متقلِّدًا سيفًا، فلما قَرُب بهاءُ الدولة قبَّل الأرضَ، وتقَدَّمَ أصحابُه فجذبوا الطائِعَ بحَمائلِ سيفِه، وتكاثروا عليه ولَفُّوه في كساءٍ، وحُمِلَ في زبزب- نوع من السفن الشراعيَّة- في دجلة، وأُصعِدَ إلى دارِ الملك. وارتَجَّ البلَدُ، وظنَّ أكثَرُ النَّاسِ أنَّ القبضَ على بهاء الدولة، ونُهِبَت دار الخلافة، وماج النَّاسُ، إلى أن نودِيَ بخِلافةِ القادر. وكُتِبَ على الطائِعِ كِتابٌ بخَلعِ نَفسِه، وأنَّه سَلَّمَ الأمرَ إلى القادر بالله، فتشَغَّبَت الجندُ يَطلُبون رَسْمَ البيعة، وتردَّدَت الرسلُ بينهم وبين بهاء الدولة، ومَنَعوا الخطبةَ باسمِ القادرِ، ثمَّ أرضوهم وسَكَنوا، وأقيمَت الخطبةُ للقادر في الجمعة الآتية، والقادِرُ هذا ابنُ عَمِّ الطائِعِ المخلوع. وهو أبو العبَّاسِ أحمدُ بنُ الأمير إسحاق بن الخليفة جعفر المقتدر، ولَمَّا حُمِلَ الطائع إلى دارِ بهاء الدولة أشهَدَ عليه بالخَلعِ، وكان مُدَّة خلافته سبع عشرة سنة وثمانية شهور وستة أيام، وحُمِلَ إلى القادر بالله لَمَّا وَلِيَ الخلافة، فبَقِيَ عنده إلى أن توفِّيَ سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة، ليلةَ الفِطرِ، وصلَّى عليه القادِرُ بالله، وكبَّرَ عليه خمسًا.
وفاة جوهر الصقلي القائد الأول في الدولة العبيدية (الفاطمية) .
العام الهجري : 381 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 992
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ الكبيرُ, قائِدُ الجُيوشِ, أبو الحسَنِ جَوهرُ بنُ عبد الله الروميُّ الصقلِّيُّ، قائد المعِزِّ الفاطميِّ, مِن نُجَباء الموالي. كان عاليَ الهِمَّة, نافِذَ الأمر. فتح مِصرَ للفاطميِّينَ فأنهى الحُكمَ الإخشيديَّ عليها لَمَّا تهيَّأَ له أخذُ البلاد بمُكاتبةٍ مِن أمراء مصر, عندما قَلَّت عليهم الأموالُ, اختَطَّ القاهِرةَ في اللَّيلةِ التي دخل فيها مِصرَ, والجامِعَ الأزهَرَ، كُلُّ ذلك قبلَ مجيءِ المعِزِّ الفاطميِّ إليها، ثمَّ لَمَّا تَمَلَّك العزيزُ أرسَلَه إلى فتح دمشق، لكنَّه انسحب لاستنجادِهم بالقرامِطةِ، فعُزِلَ عن القيادةِ إلى أن توفِّيَ. قال الذهبي: "كان جوهرٌ حسَنَ السيرةِ في الرَّعايا, عاقِلًا أديبًا, شُجاعًا مَهيبًا, لكِنَّه على نِحلةِ بَني عُبَيدٍ، التي ظاهِرُها الرَّفضُ, وباطِنُها الانحلالُ. وعُمومُ جُيوشِهم من البربَرِ، وأهلُ زعارةٍ وشَرٍّ لا سيَّما مَن تَزَندقَ منهم, فكانوا في معنى الكَفَرةِ, فكم ذاقَ المُسلِمونَ منهم من القَتلِ والنَّهبِ وسَبيِ الحريمِ، ولا سيَّما في أوائِلِ دَولتِهم, حتى إنَّ أهلَ صور استنجدوا بنصارى الرُّومِ لَمَّا لَحِقَهم من المغاربةِ مِن الظُّلمِ والجَورِ وأخْذِ الحَريمِ مِن الحَمَّامات والطُّرُقِ أمرٌ كبيرٌ"، فقاموا عليهم, وقَتَلوا فيهم فهربوا. توفِّيَ جَوهرٌ في هذه السَّنةِ في القاهرةِ، ودفن في الجامعِ الأزهر.
القبض على أبي الحسن بن المعلم الكوكبي الوزير .
العام الهجري : 382 العام الميلادي : 992
تفاصيل الحدث:

كان أبو الحَسَنِ بنُ المعَلِّم وزيرُ بَهاءِ الدولة البُويهيِّ, قد استولى على الأمورِ كُلِّها، وخَدَمَه النَّاسُ كُلُّهم، حتى الوزراء، فمنع أهلَ الكرْخِ وبابَ الطاقِ مِن النَّوْحِ يومَ عاشوراء، ومِن تعليق المُسُوحِ، الذي كان يُعمَلُ به من نحوِ ثلاثينَ سَنَة، وكان المقرِّبُ مَن قرَّبه، والمُبْعَدُ مَن بعَّده، فثَقُلَ على الأُمَراء أمرُه، ولم يُراعِهم هو، فأجابهم السُّلطانُ، فشَغَّبَ الجندُ في هذا الوقت، وشَكَوا منه، وطلبوا منه تسليمَه إليهم، فراجَعَهم بهاءُ الدولة، ووعَدَهم كَفَّ يَدِه عنهم، فلم يَقبَلوا منه، فقَبَض عليه وعلى جميعِ أصحابِه، فظَنَّ أنَّ الجُندَ يَرجِعون، فلم يرجِعوا، فسَلَّمَه إليهم، فسقوه السُّمَّ مَرَّتين، فلم يَعمَلْ فيه شيئًا، فخَنَقوه ودَفَنوه، وكان هذا الوزيرُ قد أبطل ما كان يفعَلُه الرَّافِضةُ يوم عاشوراء ومَنَعَهم من القيامِ بتلك البِدَع.
حصار ملك الروم لملاذكرد .
العام الهجري : 382 العام الميلادي : 992
تفاصيل الحدث:

نزل مَلِكُ الرومِ بأرمينيَّة، وحصَرَ مدن تركية (خلاط، وملاذكرد، وأرجيش)، فضَعُفَت نفوسُ الناس عنه، ثم هادَنَه أبو عليٍّ الحسَنُ بنُ مروان مدة عشر سنين، وعاد مَلِكُ الرُّومِ.
غزو الترك بخارى وهزيمتهم أمام السامانيين .
العام الهجري : 382 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 992
تفاصيل الحدث:

سار شِهابُ الدَّولةِ هارونُ بنُ سُلَيمان إيلك- المعروفُ ببغراخان التركي- مَلِكُ الترك، بعساكِرِه إلى بخارى، فسيَّرَ الأميرُ نوح بن منصور جيشًا كثيرًا، ولَقِيَهم إيلك وهزَمَهم، فعادوا إلى بخارى، وهو في أثَرِهم، فخرج نوحٌ بنَفسِه وسائِرُ عَسكرِه، ولقيه فاقتتلوا قتالًا شديدًا وأجْلَت المعركةُ عن هزيمة إيلك فعاد منهزمًا إلى بلاساغون، وهي كرسيُّ مملكتِه.
بناء أول دار للعلم ووقفه على الفقهاء في بغداد .
العام الهجري : 383 العام الميلادي : 993
تفاصيل الحدث:

ابتاع أبو نصرٍ سابورُ بن أردشير وزيرُ بهاءِ الدَّولةِ بنِ بُوَيه دارًا بالكرخ غرب بغداد وجَدَّد عِمارَتَها، ونقل إليها كتبًا كثيرة، ووقَفَها على الفُقَهاء، وسَمَّاها دارَ العلم، فكانت أوَّلَ مَدرسةٍ وُقِفَت على الفُقَهاءِ، وكانت قبل النظاميَّة بمدَّةٍ طويلةٍ.
ملك الترك بغراخان ينتزع بخارى من السامانيين ثم يستردونها منه .
العام الهجري : 383 العام الميلادي : 993
تفاصيل الحدث:

ملك مدينة بخارى شهابُ الدولة هارون بن سليمان إيلك المعروفُ ببغراخان التركي، وكان له كاشغر وبلاساغون إلى حدِّ الصين، وكان سبَبُ ذلك أنَّ أبا الحسن بنَ سيمجور لَمَّا مات ووليَ ابنُه أبو عليٍّ خُراسانَ بعده، فسار نحو بخارى، وقصَدَ بلادَ السامانيَّة، فاستولى عليها شيئًا بعد شيءٍ، فسيَّرَ إليه نوح جيشًا كبيرًا، واستعمل عليهم قائدًا كبيرًا من قوَّادِه اسمه انج، فلَقِيَهم بغراخان، فهَزَمهم وأسرَ انج وجماعةً مِن القُوَّادِ، فلمَّا ظَفِرَ بهم قَوِيَ طَمَعُه في البلاد وسار بغراخان نحو بخارى، فلَقِيَه فائِقٌ، واختَصَّ به، وصار في جملته، ونازلوا بخارى، فاختفى الأميرُ نوح ومَلَكَها بغراخانُ، ولَمَّا نزل بغراخان بُخارى وأقام بها استوخَمَها، فلَحِقَه مَرَضٌ ثقيل، فانتقل عنها نحوَ بلاد الترك، فلما فارقها ثارَ أهلُها بعَسكَرِه ففَتَكوا بهم وغَنِموا أموالهم، ووافَقَهم الأتراكُ الغزية على النَّهبِ والقَتلِ لعَسكرِ بغراخان، فلما سار بغراخان عن بُخارى أدركه أجَلُه فمات، ولَمَّا سَمِعَ الأمير نوح بمسيرِه عن بخارى بادر إليها فيمن معه من أصحابه، فدخلها وعاد إلى دارِ مُلكِه ومُلكِ آبائه، وفَرِحَ أهلُها به وتباشَروا بقُدومِه.
فتنة العيارين ببغداد .
العام الهجري : 384 العام الميلادي : 994
تفاصيل الحدث:

عَظُمَ خَطبُ العيَّارينَ (وهم طائفة من أهل الدعارة والنهب واللصوصية)، وعاثُوا ببغداد فسادًا، وأخذوا الأموالَ والعُملاتِ الثِّقالَ ليلًا ونهارًا، وحَرَقوا مواضِعَ كثيرةً، وأخذوا من الأسواقِ الجباياتِ، وتطَلَّبَهم الشُّرَطُ، فلم يُفِدْ ذلك شيئًا ولا فَكَّروا في الدولة، بل استمَرُّوا على ما هم عليه من أخذِ الأموالِ، وقَتْلِ الرِّجالِ، وإرعابِ النِّساءِ والأطفال، في سائِرِ المحالِّ، فلمَّا تفاقم الحالُ بهم تطَلَّبَهم السلطانُ بهاء الدولة وألحَّ في طلبهم فهربوا بين يديه واستراح النَّاسُ مِن شَرِّهم.
فتنة الأصيفرَ الأعرابيَّ ومنعه لأهل العراق والشام واليمن من الحج .
العام الهجري : 384 العام الميلادي : 994
تفاصيل الحدث:

رجع رَكْبُ العراقِ أثناءَ طَريقِهم للحَجِّ بعدما فاتَهم الحَجُّ، وذلك أنَّ الأصيفرَ الأعرابيَّ الذي كان قد تكفَّلَ بحِراستِهم اعتَرَض لهم في الطريقِ وذكَرَ لهم أنَّ الدنانيرَ التي أُقطِعَت له من دارِ الخلافةِ كانت دراهِمَ مَطليَّةً، وأنَّه يريدُ مِن الحَجيجِ بدَلَها، وإلَّا لا يدَعُهم يتجاوزونَ هذا المكان، فمانعوه وراجَعوه، فحبَسَهم عن السَّيرِ حتى ضاق الوقتُ ولم يبقَ فيه ما يُدركون فيه الحَجَّ، فرجعوا إلى بلادِهم، ولم يحُجَّ منهم أحدٌ، وكذلك رَكْبُ الشام وأهلُ اليمن لم يحُجَّ منهم أحد هذا العامَ، وإنما حَجَّ أهلُ مِصرَ والمغرب خاصَّةً.
وفاة الصاحب بن عباد الوزير .
العام الهجري : 385 العام الميلادي : 995
تفاصيل الحدث:

هو أبو القاسِمِ إسماعيلُ بنُ عَبَّاد بن عباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني الوزيرُ المشهورُ بكافي الكُفاة، وزَرَ لمؤَيَّد الدولة بن رُكنِ الدولة بن بُوَيه. هو أوَّلُ مَن سُمِّيَ بالصَّاحِبِ؛ لأنَّه صَحِبَ مُؤَيَّد الدولة من الصِّبا، وسَمَّاه الصاحِبَ، فغَلَب عليه، ثمَّ سُمِّيَ به كلُّ مَن وَلِيَ الوَزارةَ بعده، وقيل: لأنَّه كان يصحَبُ أبا الفضل بن العَميدِ، فقيل له صاحِبُ ابن العميد، ثم خُفِّفَ فقيل: الصاحب. أصلُه من الطالقان، وكان نادرةَ دَهرِه وأعجوبةَ عَصرِه في الفضائِلِ والمكارم. أخذ الأدبَ عن الوزيرِ أبي الفضل بن العميدِ، وأبي الحُسَين أحمد بن فارس. وقد كان مِن العِلمِ والفضيلة والبراعةِ والكرمِ والإحسان إلى العُلَماءِ والفُقراء على جانبٍ عَظيمٍ، وكان صاحِبَ دُعابةٍ وطُرفةٍ في رُدودِه وتَعليقاتِه. لَمَّا توفِّيَ مُؤيدُ الدولة بُوَيه بجرجان في سنة 373، وَلِيَ بعده أخوه فَخرُ الدولة أبو الحسن، فأقَرَّه على الوزارة، وبالغ في تعظيمِه. قال الذهبي: "بقي في الوزارة ثمانيةَ عشَرَ عامًا، وفتح خمسينَ قلعة، وسَلَّمَها إلى فخر الدولة، لم يجتَمِعْ عشرةٌ منها لأبيه. وكان الصاحِبُ عالِمًا بفنون كثيرةٍ مِن العلم، لم يُدانِه في ذاك وزيرٌ، وكان أفضَلَ وُزَراءِ دَولةِ بني بُوَيه الديلمة، وأغزَرَهم عِلمًا، وأوسَعَهم أدبًا، وأوفَرَهم محاسِنَ". سمع الحديثَ مِن المشايخِ الجيادِ العوالي الإسنادِ، وعُقِدَ له في وقتٍ مَجلِسٌ للإملاءِ فاحتفَلَ النَّاسُ لحُضورِه، وحضره وجوهُ الأُمَراءِ، فلمَّا خرجَ إليهم لَبِسَ زِيَّ الفقهاء وأشهد على نَفسِه بالتَّوبةِ والإنابةِ ممَّا يعاينه مِن أمورِ السُّلطانِ، وذكَرَ للنَّاسِ أنَّه كان يأكُلُ مِن حين نشأ إلى يَومِه هذا من أموالِ أبيه وجَدِّه ممَّا وَرِثَه منهم، ولكِنْ كان يخالِطُ السُّلطانَ، وهو تائِبٌ ممَّا يُمارِسونَه، واتخذَ بناءً في داره سمَّاه بيت التوبة، ووضَعَ العُلَماءُ خطوطهم بصِحَّة تَوبتِه، وحين حدَّث استملى عليه جماعةٌ لكثرةِ مَجلسِه، توفي بالري وله نحوُ ستين سنة، ونُقِلَ إلى أصبهان، وله كتابُ المحيط في اللغة. قال عنه الذهبي: "كان شيعيًّا جَلدًا كآلِ بُوَيه، وما أظنُّه يَسُبُّ، لكِنَّه معتزليٌّ، قيل: إنَّه نال مِن البُخاريِّ، وقال: هو حَشْويٌّ لا يُعَوَّلُ عليه" .
غزو المنصور بن أبي عامر الفرنجة في الأندلس .
العام الهجري : 385 العام الميلادي : 995
تفاصيل الحدث:

سير المنصورُ مُحمَّد بن أبي عامر عَسكرًا إلى بلادِ الفرنج للغزو، فنالوا منهم وغَنِموا، وأوغلوا في ديارِهم، وأسروا غرسيَّة، وهو مَلِكٌ للفِرنجِ بنُ مَلِكٍ مِن مُلوكِهم يقال له شانجة، وكان من أعظَمِ مُلوكِهم وأمنَعِهم.
وفاة الحافظ الدَارَقُطني .
العام الهجري : 385 العام الميلادي : 995
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافِظُ المَجَوِّد, شيخُ الإسلام, عَلَمُ الجهابِذةِ, أبو الحسَنِ عليُّ بنُ عُمَرَ بنِ أحمد بن مهدي بن مسعود بن دينار بن عبد الله الدَارَقُطنيُّ، الحافِظُ الكبير، المقرئُ المحَدِّث, كان عالِمًا حافِظًا فقيهًا على مذهَبِ الإمام الشافعي. أخذ الفِقهَ عن أبي سعيدٍ الاصطخريِّ الفقيهِ الشافعي. كانت ولادتُه في ذي القعدة سنة 306. والدَّارَقُطنيُّ بفتحِ الدالِ المُهملة وبعدَ الألف راءٌ مفتوحة ثم قافٌ مَضمومة نسبةً إلى دار قُطْن محلَّة كبيرة ببغداد. كان من بحورِ العِلمِ, ومن أئمَّة الدنيا, انتهى إليه الحِفظُ ومَعرفةُ عِلَل الحديث ورجالِه, مع التقَدُّم في القراءاتِ وطُرُقِها, وقُوَّة المشاركة في الفِقهِ والاختلافِ والمغازي وأيَّام الناس, وغير ذلك. أستاذُ الصناعةِ في عِلمِ الحديثِ والعِلَل، سَمِعَ الكثير، وجمع وصَنَّف وألفَّ وأجاد وأفاد، وأحسنَ النَّظَرَ والتعليلَ والانتقادَ والاعتقاد، وكان فريدَ عَصرِه، ونسيجَ وحْدِه، وإمامَ دَهرِه في أسماءِ الرِّجالِ وصناعةِ التَّعليلِ، والجَرحِ والتعديلِ، وحَسَنَ التَّصنيفِ والتأليفِ، والاطلاعِ التَّامِّ في الدراية، له كتابُه المشهورُ: (السُّنَن) من أحسَنِ المصَنَّفات في بابِه، وله كتابُ العِلَل بيَّنَ فيه الصَّوابَ مِن الدَّخَلِ، والمتَّصِلَ مِن المُرسَل، والمُنقَطِعَ والمُعضَل، وكتابُ الأفراد، وله غير ذلك من المصَنَّفات، وكان مِن صِغَرِه موصوفًا بالحِفظِ الباهِرِ، والفَهمِ الثَّاقِبِ، والبَحرِ الزَّاخر، وقال الحاكِمُ أبو عبد الله النَّيسابوري: "لم يَرَ الدَّارَقُطنيُّ مِثلَ نَفسِه"، وقد اجتمع له مع معرفةِ الحديثِ العِلمُ بالقراءاتِ والنَّحوِ والفِقهِ والشِّعرِ، مع الإمامةِ والعَدالةِ، وصِحَّةِ اعتقاد. قال أبو بكر البرقاني: كان الدَّارَقُطني يُملي عليَّ العِلَلَ مِن حِفظِه. قلت- والكلام للذهبي-: إن كان كتابُ "العلل" الموجود قد أملاه الدَّارقُطنيُّ مِن حِفظِه كما دلَّت عليه هذه الحكاية, فهذا أمرٌ عظيمٌ يُقضَى به للدَّارَقُطني أنَّه أحفَظُ أهلِ الدُّنيا، وإن كان قد أملى بعضَه مِن حِفظِه, فهذا ممكِنٌ، وقد جمَعَ قبلَه كتابَ " العِلَل " عليُّ بنُ المَديني حافِظُ زَمانِه". وقد كانت وفاتُه في يوم الثلاثاء السابِعَ مِن ذي القَعدة، وله من العُمُرِ سبعٌ وسبعون سنة ويومان، ودُفِنَ مِن الغد بمقبرة باب الدير قريبًا من قبرِ معروفٍ الكَرخيِّ- رَحِمَهما الله.
المنصور الأندلسي يضم إليه قبائل صنهاجة ويحتل مدينة فاس .
العام الهجري : 386 العام الميلادي : 996
تفاصيل الحدث:

قام زيري بنُ عطيَّةَ بالخُروجِ على المنصورِ بنِ أبي عامر الأندلسي، فجهَّزَ المنصورُ ابنُ أبي عامر جيشًا كبيرًا بقيادة غُلامِه واضح، وضَمَّ له قبائِلَ صِنهاجةَ المُعادية لزيري، فاقتتل في وادٍ بقُربِ طنجة وانتهى القتالُ باحتلال مدينة فاس وهزيمةِ زيري الذي هرب ولجأَ إلى بلاد صنهاجة بالمغرب الأقصى حتى توفِّيَ فيها.
بداية الدولة العقيلية في الموصل .
العام الهجري : 386 العام الميلادي : 996
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ المقَلَّدُ بنُ المسيب مدينةَ الموصل، وكان سبَبُ ذلك أنَّ أخاه أبا الذواد توفِّيَ هذه السنة، فطَمِعَ المقلدُ في الإمارة، فلم تساعِدْه عقيل على ذلك، وقلَّدوا أخاه عليًّا؛ لأنه أكبَرُ منه، فأسرع المقلد واستمال الديلمَ الذين كانوا مع أبي جعفرٍ الحَجَّاج بالموصِل، فمال إليه بعضُهم، وكتب إلى بهاءِ الدَّولةِ أنْ قد ولَّاه المَوصِل، وسأله مساعدتَه على أبي جعفرٍ؛ لأنَّه قد منعه عنها، فساروا ونزلوا على الموصِلِ، فخرج إليهم كلُّ مَن استماله المقلد من الديلم، وضَعُف الحَجَّاج، وطلب منهم الأمانَ، فأمَّنوه، ودخل المقلدُ البلدَ، واستقَرَّ الأمرُ بينه وبين أخيه على أن يُخطَبَ لهما، ويُقَدَّم عليٌّ لكِبَرِه، ويكون له معه نائبٌ يَجبي المالَ، واشتركا في البلَدِ والولاية، وسار عليٌّ إلى البَرِّ، وأقام المقلد، وجرى الأمرُ على ذلك مُدَّةً، ثم تشاجرا واختَصَما.
وفاة أمير إفريقيَّة المنصور بن يوسف وولاية ابنه باديس .
العام الهجري : 386 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 996
تفاصيل الحدث:

هو المنصورُ بنُ يوسُفَ بلكين أميرُ إفريقيَّة، كان مَلِكًا شجاعًا، عادِلًا حازِمًا. توفِّيَ خارج صبرة، ودُفِنَ بقَصرِه. وَلِيَ بَعدَه ابنُه باديس، ويكَنَّى بأبي مناد، فلما استقَرَّ في الأمر سار إلى سردانية، وأتاه النَّاسُ مِن كُلِّ ناحية للتَّعزيةِ والتهنئة، وأراد بنو زيري أعمامُ أبيه أن يخالِفوا عليه، فمنَعَهم أصحابُ أبيه وأصحابُه, وأتته الخِلَعُ والعَهدُ بالولايةِ مِن العزيزِ حاكِمِ مِصرَ العُبَيديِّ، فقُرِئَ العَهدُ، وبايع للعزيزِ هو وجماعةُ بني عَمِّه والأعيانُ مِن القُوَّاد.


============

ج67..
وفاة العزيز العبيدي (الفاطمي) وتولي ابنه الحاكم بأمر الله .
العام الهجري : 386 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 996
تفاصيل الحدث:

هو العزيزُ صاحِبُ مِصرَ أبو منصور نزار بن المعِزِّ معد بن إسماعيل العبيدي المهدي المغربي. ولِدَ سنة 344. قام بعد أبيه في ربيع الأول، سنة 365. وكان كريمًا شُجاعًا صفوحًا، أسمَرَ أصهَبَ الشَّعرِ أعيَنَ أشهَلَ، بعيدَ ما بين المَنكِبَينِ، حسنَ الأخلاقِ قَريبًا من الرَّعيَّة، مُغرَمًا بالصيدِ، ويُكثِرُ مِن صيد السِّباعِ، ولا يُؤثِرُ سَفكَ الدماء. فُتحِتَ له حلب وحماة وحِمص. وخطب أبو الذواد محمَّد بن المسيب بالموصِلِ له، ورقَمَ اسمَه على الأعلامِ والسِّكَّة سنة 383، وخُطِبَ له أيضًا باليمن والشام ومدائن المغرب. قال الذهبي: "كانت دولةُ هذا الرافضيِّ أعظَمَ بكثيرٍ مِن دولةِ أمير المؤمنين الطائعِ ابنِ المطيعِ العباسي". وقد اشتُهِرَ في مصر أنَّ نسَبَ العُبَيديين إلى آلِ البيتِ غيرُ صَحيحٍ, قال ابنُ خَلِّكانَ: "وأكثر أهل العلم بالنَّسَبِ لا يصحِّحونَه، وصار هذا الأمرُ كالمستفيضِ بين الناسِ". وفي مبادي ولاية العزيزِ صَعِدَ المنبرَ يوم الجمعة فوجد ورقةً مكتوبٌ فيها:
إنَّا سَمِعْنا نسبًا مُنكَرًا... يُتلى على المِنبَرِ في الجامِعِ
إنْ كنتَ فيما تدَّعي صادقًا... فاذكُرْ أبًا بعد الأبِ الرَّابعِ
وإن تُرِدْ تحقيقَ ما قُلتَه... فانسُبْ لنا نفسَك كالطَّائِعِ
أو لا دَعِ الأنسابَ مَستورةً... وادخُلْ بنا في النَّسَبِ الواسِعِ
فإنَّ أنسابَ بني هاشمٍ... يقصُرُ عنها طَمَعُ الطَّامِعِ
وصَعِدَ العزيز يومًا آخَرَ المنبرَ، فرأى ورقةً فيها مكتوبٌ:
بالظُّلمِ والجَورِ قد رَضِينا... وليس بالكُفرِ والحَماقهْ
إن كنتَ أُعطِيتَ عِلمَ غَيبٍ... فقُلْ لنا كاتِبَ البِطاقَهْ
وإنما كُتِبَ هذا لأنَّ العُبَيديِّينَ كانوا يدَّعونَ عِلمَ المُغَيَّبات، وأخبارُهم في ذلك مشهورة. توفِّيَ العزيزُ للَيلتَينِ بَقِيَتا من رَمضانَ، بمدينة بلبيس، وكان برَزَ إليها لغَزوِ الرُّومِ، فلَحِقَه عِدَّةُ أمراضٍ منها النقرس والحصا والقولنج، فاتصَلَت به الأمراضُ إلى أن مات، وكان حُكمُه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفًا، ولَمَّا مات العزيز ولِيَ بعدَه ابنُه أبو عليٍّ المنصورُ، ولُقِّبَ الحاكِمَ بأمرِ الله، بعَهدٍ مِن أبيه، فوَلِيَ وعُمُره إحدى عشرة سنة وستة أشهر، وأوصى العزيزُ إلى أرجوان الخادم، وكان يتولَّى أمرَ دارِه، فجعله مُدَبِّرَ دولةِ ابنه الحاكمِ، فقام بأمْرِه، وبايعَ له، وأخذ له البيعةَ على النَّاسِ.
وفاة الإمام ابن بطة .
المنصور ابن أبي عامر الأندلسي يغزو مدينة شنت ياقوب الأسبانية .
العام الهجري : 387 العام الميلادي : 997
تفاصيل الحدث:

عندما تناهى المنصورُ بن أبي عامر في هذا الوقتِ على الاقتدار، والنَّصر على ملوك النصارى، سما إلى مدينة شنت ياقوب قاصية غلبسية، وأعظَمِ مَشاهِدِ النَّصارى الكائنةِ ببلاد الأندلُس وما يتَّصِلُ بها من الأرضِ الكبيرة. وكانت كَنيستُها عندهم بمنزلةِ الكَعبةِ عند المُسلِمينَ، فبِها يحلِفونَ وإليها يَحُجُّونَ مِن أقصى بلاد رومة وما وراءها، ويَزعُمونَ أنَّ القبر المزوَّرَ فيها قبر ياقوب أحد الحواريِّين الاثني عشر, ولم يطمَعْ أحدٌ من ملوك الإسلام في قَصْدِها قبل المنصور، ولا الوصول إليها؛ لصُعوبةِ مَدخَلِها وخشونةِ مكانِها، وبُعدِ شُقَّتِها, فخرج المنصورُ إليها من قرطبة غازيًا بالصائفة يومَ السبت لسِتٍّ بَقِينَ مِن جمادى الآخرة سنة 387، وهي غزوته الثامنة والأربعون- تجاوزت غزوات المنصورِ بنِ أبي عامر لنصارى الأندلُس أكثَرَ من خمسين غزوة مُدَّةَ حُكمِه نيِّفًا وعشرين سنة، انتصر فيها كلِّها- وكان المنصور قد أنشأ أُسطولًا كبيرًا في ساحل غرب الأندلس، وجهَّزه برِجالِه البَحريِّين وصنوف المترجِّلين، وحُمِلَت الأقواتُ والأطعِمةُ والعُدَد والأسلحة؛ استظهارًا على نفوذ العزيمة، إلى أن خرج بموضع برتقال على نهر دويره، فدخل في النهر إلى المكان الذي عَمِلَ المنصور على العبور منه، فعقد هناك من هذا الأسطول جسرًا بقرب الحصن الذي هناك، ووزع المنصور ما كان فيه من الميرة على الجُندِ، فتوسَّعوا في التزوُّدِ منه إلى أرض العدو, ثمَّ نهض يريد شنت ياقوب، فقطع أرضَينَ متباعدة الأقطار، وقطَعَ بالعبور عِدَّة أنهار كبار وخلجان يمدُّها البحر الأخضر, ثم أفضى إلى جبلٍ شامخ شديدِ الوعورة، لا مسلَكَ فيه ولا طريقَ، لم تهتَدِ الأدِلَّاء إلى سواه، فقَدَّمَ المنصورُ الفَعَلة بالحديد لِتَوسعةِ شِعابِه وتسهيلِ مَسالِكِه، فقطعه العسكَرُ وعبروا واديَ منية، وانبسط المسلمون بعد ذلك في بسائِطَ عريضة وأرضين أريضة، وانتهت مغيرتُهم إلى دير قسطان على البحر المحيط، وفتحوا حِصنَ شنت بلايه الذي استعصى على طارق بن زياد وموسى بن نُصير في حينِه؛ لحصانتِه، وغَنِموه، وعَبَروا سياخه إلى جزيرة من البحر المحيط لجأ إليها خلقٌ عظيم من أهل تلك النواحي، فسَبَوا مَن فيها ممَّن لجأ إليها، وانتهى العسكَرُ إلى جبل مراسية المتَّصِل من أكثَرِ جِهاتِه بالبحر المحيط، فتخَلَّلوا أقطارَه، واستخرجوا من كان فيه، وحازوا غنائِمَه, ثمَّ انتَهَوا إلى مدينة شنت ياقوب البائسة، وذلك يومَ الأربعاء للَيلتينِ خلتا من شعبان، فوجدها المسلمون خاليةً مِن أهلها، فحازوا غنائِمَها، وهَدَموا مصانِعَها وأسوارَها وكنيسَتَها، وعَفوا آثارَها, ووكل المنصورُ بقَبرِ ياقوب من يحفَظُه ويدفَعُ الأذى عنه، وكانت مصانِعُها بديعةً مُحكَمةً، فغودرت هشيمًا، كأنْ لم تغْنَ بالأمسِ، وانتشرت بعوثُه بعد ذلك سائر البسائط، وانتهت إلى جزيرةِ شنت مانكش مُنقطَعَ هذا الصِّقعِ على البحر المحيط، وهي غايةٌ لم يبلُغْها قبلهم مُسلِمٌ، ولا وَطِئَتها لغير أهلها قَدَمٌ، فلم يكُنْ بعدها للخَيلِ مجالٌ، ولا وراءها انتقال. وانكفأ المنصورُ عن باب شنت ياقوب، ولم يجِد المنصور بشنت ياقوب إلَّا شيخًا من الرَّهبان جالسًا على القبر، فسأله عن مقامِه، فقال: (أوانس يعقوب) فأمر المنصورُ بالكَفِّ عنه. قال الفتح من خاقان: "تمرس المنصور ببلاد الشِّركِ أعظَمَ تَمَرُّس، ومحا من طواغيتِها كُلَّ تَعَجرُف وتغَطرُس؛ وغادرهم صرعى البِقاع، وترَكَهم أذَلَّ مِن وَتدٍ بِقاع، ووالى على بلادهم الوقائع، وسَدَّد إلى أكبادهم سِهامَ الفجائع، وأغصَّ بالحِمام أرواحَهم، ونغَّصَ بتلك الآلامِ بُكورَهم ورَواحَهم ".
عصيان أهل مدينة صور على الحاكم بأمر الله الفاطميِّ العُبيديِّ .
العام الهجري : 387 العام الميلادي : 997
تفاصيل الحدث:

قام أهلُ صور بالثَّورةِ على الحاكِمِ الفاطميِّ لَمَّا لَحِقَهم مِن جُندِه المغاربة البَربرِ الظُّلمُ والجَورُ، وأخذ الحريم من الحَمَّامات والطُّرُق, فقام أهلُ صور عليهم, بعد أن استنجَدوا بالإمبراطورِ البيزنطيِّ باسيل الثاني، فأمَدَّهم بأسطول. فقتلوا المغاربةَ البَربرَ، فأرسل جيشُ ابنِ الصمصامة جيشًا مِن مصر بقيادةِ أبي عبد الله الحسن بن ناصر ومعه ياقوت الخادِمُ, كما أرسل الحاكِمُ أسطولًا إلى طرابلسَ، فحاصر الجيشُ مدينةَ صور واشتبَكَ أسطولُ الحاكِمُ بالأسطولِ البِيزنطيِّ في معركةٍ عنيفةٍ كانت نتيجتُها هزيمةَ البيزنطيِّينِ والقضاءَ على ثورةِ أهلِ صورٍ.
وفاة محمد الخوارزمي صاحب كتاب مفاتيح العلوم .
العام الهجري : 387 العام الميلادي : 997
تفاصيل الحدث:

هو مُحمَّدُ بنُ أحمد بن يوسُفَ البَلخيِّ الخوارزمي، صاحِبُ كتابِ مفاتيح العُلوم، وهو كالمُعجَم للمُصطَلَحات المُستعمَلَة في جميعِ فُروعِ العِلمِ، وكان سببُ التأليفِ هو اتِّصالَه بأبي الحَسَنِ العتبي وزيرِ الأميرِ نوح السَّاماني.
وفاة نوح بن منصور الساماني وبدأ انهيار الدولة السامانية .
العام الهجري : 387 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 997
تفاصيل الحدث:

هو سُلطان بُخارى وسَمَرقند وابنُ سلاطينِها, أبو القاسِمِ نوحُ بنُ منصور بنِ نوحِ بنِ عبد الملك بن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان. تمَلَّك نوحٌ خُراسانَ وغزنةَ وما وراء النهر, ولَمَّا توفِّيَ الأميرُ نوحُ بنُ منصور الساماني اختَلَّ بموته مُلكُ آل سامان، وضَعُف أمرُهم ضعفًا ظاهِرًا، وطَمِعَ فيهم أصحابُ الأطراف، فزال مُلكُهم بعد مدَّةٍ يسيرة. ولَمَّا توفِّيَ نوحٌ بعد أنْ حَكَم اثنتين وعشرينَ سنةً. قام بالمُلْك بعده ابنُه أبو الحارِثِ مَنصورٌ، وبايعه الأمراءُ والقُوَّادُ وسائِرُ النَّاسِ، وفَرَّقَ فيهم بقايا الأموال، فاتَّفقوا على طاعته، وقام بأمرِ دولتِه وتدبيرِها بكتوزون. بَقِيَ أبو الحارث في الحُكمِ سنة وتسعة أشهر, ثم قَبَض عليه الأمراءُ ومَلَّكوا أخاه عبدَ الملك, فقَصَدَهم السلطانُ محمود بن سبكتكين, فالتقاهم وهَزَمَهم إلى بخارى، ثمَّ انقَرَضت دولةُ السَّامانيَّة.
وفاة فخر الدولة بن بُوَيه وإقامة ولده رستم مكانه .
العام الهجري : 387 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 997
تفاصيل الحدث:

هو فَخرُ الدولة أبو الحَسَنِ عليُّ بن ركن الدولة الحسَن بن بُوَيه أميرُ الرَّيِّ وهمذان. وُلِدَ سنة 341, ولَمَّا توفِّيَ أخوه مؤيد الدولة في شعبان سنة 373ه بجرجان، استولى على مملكتِه، فأقَرَّ الصاحِبَ ابنَ عبَّاد على وزارته، وكان مُبَجَّلًا عند فخر الدولة, ومُعَظَّمًا نافِذَ الأمر، كان فخرُ الدولة شهمًا شُجاعًا، لَقَّبَه الخليفةُ الطائِعُ مَلِكَ الأمة, توفِّيَ بقلعة طبرق, عن سِتٍّ وأربعين سنة، وكان سببُ وفاتِه أنَّه أكل لحمًا مشويًّا، وأكل بعده عِنَبًا، فأخذه المَغصُ، ثم اشتَدَّ مَرَضُه فمات منه، كانت دولتُه أربع عشرة سنة، وترك ألفي ألفِ دينارٍ وثمانمائة ألف دينار، ومن الجواهر ما قيمتُه ثلاثةُ آلافِ ألفٍ، ومن آنية الذَّهَب ما وزنُه ألف ألف، ومن آنية الفِضَّة ما وزنه ثلاثة آلاف ألف، ومن فاخِرِ الثياب ثلاثة آلاف حِمل. وكانت خزائنُه على ثلاثة آلاف وخمسمائة جملٍ, ومع كُلِّ هذا المُلك لَمَّا مات طلبوا له كفَنًا فلم يجدوه، وتعَذَّر النزولُ إلى البلد؛ لشِدَّةِ شَغبِ الديلم، فاشتروا له مِن قَيِّمِ الجامِعِ ثوبًا كفَّنوه فيه، وزاد شغبُ الجند فلم يُمكِنْهم دفنُه فبَقِيَ حتى أنتَنَ ثمَّ دفنوه. وحين توفِّيَ قام بمُلكِه بعده ولدُه مَجدُ الدولة أبو طالِب رُستم، وعمره أربع سنين، أجلسه الأمراءُ في الملك، وجعلوا أخاه شمسَ الدولة بهمذان وقرميسين إلى حدود العراق. وكان المرجع إلى والدةِ أبي طالب في تدبير الملك، وعن رأيها يَصدُرون، وبين يديها في مباشرة الأعمالِ أبو طاهرٍ صاحِبُ فخر الدولة، وأبو العبَّاس الضبِّي الكافي.
وفاة الإمام الخطابي .
العام الهجري : 388 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 998
تفاصيل الحدث:

هو حَمدُ بنُ محمد بن إبراهيم البُستي الخطَّابي، المحدِّثُ الفقيهُ الأديب اللُّغويُّ، ولد سنة بضع عشرة وثلاثمائة. تحوَّل إلى طلب العِلمِ ورحَلَ إلى العراق والحجاز وغيرها، تفَقَّه على القَفَّال الكبير. له تصانيفُ كثيرةٌ، أشهرُها: معالم السُّنَن، وهو شَرحٌ لسُنَن أبي داود، وشرح للبخاريِّ، وكتاب غريب القرآن، وإصلاح غلط المحدِّثين، وإعجاز القرآن، وغيرها، توفي ببست, وقيل: إنه توفي في سنة 386هـ.
مقتل صمصام الدولة ابن عضد الدولة .
العام الهجري : 388 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 998
تفاصيل الحدث:

هو صمصامُ الدَّولةِ بنُ عَضُدِ الدولة، وهو صاحِبُ بلاد فارس، وكان سبَبُ قَتلِه أنَّ جماعةً كثيرة من الديلم استوحشوا مِن صمصام الدولة؛ لأنَّه أمرَ بعَرضِهم، وإسقاطِ من ليس بصحيحِ النَّسَب، فأسقط منهم مقدارَ ألفِ رجُل، واتَّفَق أنَّ أبا القاسم وأبا نصر ابني عزِّ الدولة بختيار كانا مقبوضَينِ، فخدعا الموكَّلينِ بهما في القلعة، فأفرجوا عنهما، فجَمَعا لفيفًا من الأكراد، واتَّصَل خبرُهما بالذين أُسقِطوا من الديلم، فأتوهم وقَصَدوا إلى أرجان، فاجتَمَعَت عليها العساكِرُ فظَفِروا بصمصام هذا وقتلوه، وحملوا رأسه إلى أبي نصر بن بختيار، وكان عمرُه يوم قُتِلَ خمسًا وثلاثين سنةً، ومُدَّةُ مُلكِه منها تسع سنين وأشهُر.
قيام الدولة الغزنوية وزوال السامانية .
العام الهجري : 389 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 999
تفاصيل الحدث:

انقَرَضت دولةُ آلِ سامان على يدِ محمودِ بنِ سبكتكين، وإيلك الخان التركي، واسمُه أبو نصر أحمد بن علي، ولَقَبُه شمس الدولة، فأمَّا محمود فإنَّه مَلَك خُراسان، وبَقِيَ بيَدِ عبد الملك بنِ نوح ما وراء النَّهر، فلما انهزم من محمود قَصَدَ بُخارى واجتمع بها هو وفائِقُ وبكتوزون وغيرُهما من الأمراء والأكابر، فقَوِيَت نفوسُهم، وشَرَعوا في جمعِ العساكِر، وعَزَموا على العَودِ إلى خراسان، فاتَّفَق أن مات فائق، وكان موتُه في شعبان من هذه السنة، فلما مات ضَعُفَت نفوسهم، ووَهَنت قوَّتُهم، وبلغ خبَرُهم إلى إيلك الخان، فسار في جمعِ الأتراك إلى بخارى، وأظهر لعبدِ الملك المودَّة والموالاة، والحَمِيَّة له، فظَنُّوه صادقًا، ولم يحتَرِسوا منه، وخرج إليه بكتوزون وغيرُه من الأمراء والقُوَّاد، فلمَّا اجتمعوا قبَضَ عليهم، وسار حتى دخل بُخارى يوم الثلاثاء عاشِرَ ذي القَعدةِ، فلم يدرِ عبدُ الملك ما يصنَعُ لقِلَّةِ عدَدِه، فاختفى ونزل إيلك الخان دارَ الإمارة، وبثَّ الطَّلَب والعيونَ على عبد الملك، حتى ظَفِرَ به، فأودعه بافكند فمات بها، وكان آخِرَ ملوك السامانيَّة، وانقَضَت دولتُهم على يده، وكانت دولتُهم قد انتشرت وطَبَّقت كثيرًا من الأرض من حدود حلوان إلى بلاد الترك، بما وراء النهر، وكانت من أحسَنِ الدولِ سيرةً وعدلًا.
الشيعة في بغداد يحتفلون بيوم الغدير وحصول فتنة مع أهل السنة .
العام الهجري : 389 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 999
تفاصيل الحدث:

أراد الشِّيعةُ أن يصنَعوا ما كانوا يصنعونَه من الزينة يومَ غديرِ خُمٍّ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحِجَّة فيما يزعمونَه، فقاتلهم جهَلَةٌ آخرون في المنتَسِبينَ إلى السُّنَّة بعد أن ادَّعَوا أنَّ في مثل هذا اليوم حُصِرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ في الغار فامتنعوا من ذلك، وهذا أيضًا جَهلٌ من هؤلاء، ولَمَّا كان الشِّيعةُ يصنعون في يوم عاشوراء مأتمًا يُظهِرونَ فيه الحُزنَ على الحُسَين بن علي، قابلَتْهم طائفةٌ أخرى مِن جَهَلةِ أهلِ السُّنَّة ادَّعَوا أن يوم الثاني عشر من المحرَّم قُتِلَ فيه مُصعَب بن الزبير، فعَمِلوا له مأتمًا كما تَعمَلُ الشِّيعةُ للحسين، وزاروا قَبرَه كما زاروا قبر الحسين، وهذا من بابِ مُقابلةِ البِدعةِ ببِدعةٍ مِثلِها، ولا يَرفَعُ البِدعةَ إلَّا السُّنَّةُ الصَّحيحةُ.
قتل برجوان وزير الحاكم العبيدي (الفاطمي) .
العام الهجري : 390 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1000
تفاصيل الحدث:

كان قَتلُ برجوان وزيرُ الحاكمِ الفاطميِّ في بستانٍ يُعرَفُ بدويرة التين والعنب، كان الحاكم فيه مع زيدان فجاء برجوان ووقفَ مع زيدان، فسار الحاكِمُ حتى خرج من باب الدويرة، فعاجل زيدان وضَرَبَ برجوان بسِكِّينٍ كانت في خُفِّه، وابتدره قومٌ، وقد أعدُّوا له السكاكينَ والخناجِرَ، فقُتِلَ مكانَه، وحُزَّت رأسُه وطرح عليه حائِطٌ، وسبب ذلك أن برجوان لَمَّا بلغ النهاية قصَّرَ في الخدمة، واستقَلَّ بلَذَّاتِه ولا يُمضى إلَّا ما يختار من غير مشاورةٍ، وكان برجوان من استبدادِه يُكثِرُ مِن الدالة على الحاكم، فحَقَد عليه أمورًا، وأنهد الحاكِمُ بعد قتل برجوان، فأحضر كاتبَه أبا العلاء فهدَ بنَ إبراهيم في الليل وأمَّنَه، واستوزَرَه وكان فهدٌ نصرانيًّا، فكانت مدَّةُ نظر برجوان سنتين وثمانية أشهر غيرَ يومٍ واحد.
مقتل الأمير بختيار واستيلاء بهاء الدولة على بلادِ كرمان .
العام الهجري : 390 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1000
تفاصيل الحدث:

قُتِلَ الأميرُ أبو نصر بن بختيار، الذي كان قد استولى على بلادِ فارس. وسبَبُ قَتلِه أنَّه لَمَّا انهزم مِن عَسكَرِ بهاء الدولة بشيراز، سار إلى بلاد الديلم، وكاتب الديلمَ بفارس وكرمان من هناك يستميلُهم، وكاتَبوه واستدعَوه، فسار أبو نصرٍ إلى بلادِ فارس، واجتمع عليه جمعٌ كثيرٌ مِن الزطِّ، والديلم، والأتراك، وتردَّد في تلك النواحي, ثمَّ سار إلى كرمان، فلم يَقبَلْه الديلم الذين بها، وكان المُقَدَّمَ عليهم أبو جعفر بن أستاذ هرمز، فجَمَع وقصد أبا جعفرٍ، فالتقيا، فانهزم أبو جعفر إلى السيرجان، ومضى ابنُ بختيار إلى جيرفت فمَلَكها، وملَكَ أكثَرَ كرمان، فعَظُم الأمرُ على بهاء الدولة، فسَيَّرَ إليه الموفَّق عليَّ بن إسماعيل في جيشٍ كثير، وسار مُجِدًّا حتى أطلَّ على جيرفت، فاستأمن إليه مَن بها من أصحابِ ابن بختيار ودخَلَها. فأنكر عليه مَن معه من القُوَّاد سُرعةَ سَيرِه، وخوَّفوه عاقبةَ ذلك، فلم يُصْغِ إليهم، وسأل عن حالِ ابن بختيار، فأُخبِرَ أنَّه على ثمانية فراسخ من جيرفت، فاختار ثلاثَمائة رجل من شُجَعانِ أصحابه وسار بهم، وترَك الباقين مع السَّوادِ بجيرفت. فلما بلغ ذلك المكان لم يَجِدْه ودُلَّ عليه فلم يزَلْ يَتبَعُه مِن مَنزلٍ إلى منزل، حتى لَحِقَه بدارزين، فسار ليلًا، وقُدِّرَ وصولُه إليه عند الصبحِ فأدركه. فركب ابنُ بختيار واقتتلوا قتالًا شديدًا، وسار الموفَّقُ في نفرٍ مِن غلمانه، فأتى ابنَ بختيار من ورائه، فانهزم ابنُ بختيار وأصحابُه، ووضع فيهم السَّيفَ، فقتل منهم الخَلقَ الكثير. فغدَرَ بابن بختيار بعضُ أصحابه، وضرَبَه فألقاه وعاد إلى الموفَّق ليُخبِرَه بقَتلِه، فأرسل معه من ينظُرُ إليه، فرآه وقد قتَلَه غيرُه، وحَمَل رأسَه إلى الموفَّق، وأكثر الموفَّقُ القتلَ في أصحابِ ابنِ بختيار، واستولى على بلادِ كرمان، واستعملَ عليها أبا موسى سياهجيل، وعاد إلى بهاءِ الدَّولة، فخرج بنَفسِه ولَقِيَه، وأكرَمَه وعظَّمَه ثمَّ قبض عليه بعد أيام.
انتصار المسلمين في موقعة جربيرة بالأندلس بقيادة ابنِ أبي عامرٍ .
العام الهجري : 390 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1000
تفاصيل الحدث:

تحالفَت كُلُّ قوى النصرانيَّة مِن أجْلِ الصُّمودِ في وَجهِ قُوَّةِ المُسلِمينَ بقِيادةِ المنصورِ بنِ أبي عامرٍ في وقعة جربيرة، التقى فيها الفريقان عند مكانٍ شَديدِ الوُعورةِ يُسمَّى بصَخرةِ جربيرة، وكاد المنصور أن يُهزَمَ لأوَّلِ مَرَّة في معاركِه، ولكِنَّ بَسالةَ المُسلِمينَ وشِدَّةَ بأسِهم في القِتالِ أنهَت المعركةَ بهزيمةٍ مُرَوِّعة للتَّحالُفِ النَّصرانيِّ، وقُتِلَ مُعظَمُ قادة الصَّليبيِّينَ وواصل المنصورُ سَيرَه حتى فتح مدينةَ برغش عاصِمةَ قشتالة.
قبائل القرة خانيون يحتلون بخارى ويقضون على الدول السامانية .
العام الهجري : 390 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1000
تفاصيل الحدث:

احتلَّت قبائِلُ القرَّة خانيون بزعامةِ أرسلان إيليغ خان مدينةَ بخارى، وأنهَت الحُكمَ الإيرانيَّ في تركستان، وقَضَت على الدُّوَل السَّامانية، كما أنها استولَت على سمرقند وبلادِ ما وراء النهر حتى حُدودِ خُراسان. والقُرَّة خانيون قبائِلُ تُركيَّةٌ اعتَنَقَت الإسلامَ وساهمت بدَورٍ في حمايةِ الإسلامِ.
فتنة بين الأتراك ومعهم أهل السنة وبين أهل الكرخ الشيعة .
العام الهجري : 391 العام الميلادي : 1000
تفاصيل الحدث:

ثار الأتراكُ ببغداد بنائِبِ السُّلطانِ، وهو أبو نصرٍ سابورُ بنُ أردشير وزيرُ بهاءِ الدَّولة البُويهيِّ، فهَرَب منهم، ووقَعَت الفتنةُ بين الأتراك والعامَّة مِن أهل الكَرخِ وهم رافِضةٌ، وقُتِلَ بينهم قتلى كثيرونَ، ثمَّ إنَّ السُّنَّةَ مِن أهل بغداد ساعدوا الأتراكَ على أهلِ الكَرخِ، فضَعفوا عن الجميع، فسعى الأشرافُ في إصلاحِ الحالِ فسَكَنَت الفِتنةُ.
مبايعة الخليفة العباسي القادر بالله لولده أبي الفضل بالعهد .
العام الهجري : 391 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1001
تفاصيل الحدث:

أمَرَ الخليفةُ القادِرُ بالله بالبيعةِ لِوَلَدِه أبي الفَضلِ بولايةِ العَهدِ، وأحضَرَ حُجَّاجَ خُراسان وأعلَمَهم ذلك، وكان سبَبُ هذه البيعةِ أنَّ رَجُلًا يقال له عبدُ الله بن عثمان الواثقيُّ من ولَدِ الواثِقِ بالله أحدِ الخُلَفاء السَّابقين، كان مِن أهلِ نصيبينَ، ذهَبَ إلى بعضِ الأطرافِ من بلادِ التُّركِ، وادَّعى أنَّ القادِرَ بالله جعَلَه وليَّ العَهدِ مِن بَعدِه، فخَطَبوا له هنالك، فلمَّا بلغ القادِرَ أمرُه عَظُمَ عليه، فبَعَث يتطَلَّبُه فهرب في البلادِ وتمَزَّق، ثم أخذه محمودُ بن سبكتكين فسَجَنَه في قلعةٍ إلى أن مات؛ لهذا بادر القادِرُ إلى هذه البيعةِ, فبايع لِوَلدِه أبي الفَضلِ بولاية العهد, ولقَّبَه الغالِبَ باللهِ، وكان عُمرُه حينئذ ثماني سنين وشهورًا.
محمود بن سبكتكين يغزو الهند .
العام الهجري : 392 العام الميلادي : 1001
تفاصيل الحدث:

أوقَعُ يمينُ الدَّولةِ محمودُ بنُ سبكتكين بجيبال ملِكِ الهند وقعةً عَظيمةً، وسببُ ذلك أنَّه لَمَّا اشتغَلَ بأمر خراسان ومَلِكِها، وفرغ منها ومِن قتال خلَفِ بنِ أحمد، وخلا وجهُه مِن ذلك؛ أحَبَّ أن يغزوَ الِهندَ غزوةً تكونُ كَفَّارةً لِما كان منه من قتالِ المُسلِمينَ، فثنى عنانَه نحو تلك البلادِ، فنزل على مدينة برشور، فأتاه عدوُّ الله جيبال مَلِكُ الهند في عساكِرَ كثيرةٍ، فالتَقَوا في المحرَّمِ مِن هذه السنة، فاقتتلوا، وصبَرَ الفريقان، فلما انتصَفَ النَّهارُ انهزم الهندُ، وقُتِلَ فيهم مقتلة عظيمة، وأُسِرَ جيبال ومعه جماعةٌ كثيرة من أهلِه وعَشيرتِه، وغَنِمَ المسلمون منهم أموالًا جليلةً، وغَنِموا خمسَمئة ألف رأسٍ من العبيد، وفَتَح من بلادِ الهند بلادًا كثيرةً، فلَمَّا فرغ من غزواته أحَبَّ أن يُطلِقَ جيبال ليراه الهنودُ في شِعارِ الذُّلِّ، فأطلقه بمالٍ قرَّرَه عليه، فأدَّى المال، ومن عادةِ الهندِ أنَّهم مَن حصَلَ منهم في أيدي المُسلِمينَ أسيرًا لم ينعَقِدْ له بعدها رئاسةٌ، فلما رأى جيبال حالَه بعد خلاصِه حلَق رأسَه، ثم ألقى نفسَه في النَّارِ، فلمَّا فرَغَ يمينُ الدولة مِن أمرِ جيبال رأى أن يغزوَ غَزوةً أخرى، فسار نحو ويهند، فأقام عليها مُحاصِرًا لها، حتى فتحها قهرًا، وبلغَه أنَّ جماعةً مِن الهند قد اجتمعوا بشِعابِ تلك الجبال عازِمينَ على الفسادِ والعناد، فسيَّرَ إليهم طائفةً مِن عَسكَرِه، فأوقعوا بهم، وأكثَروا القتلَ فيهم، ولم ينجُ منهم إلَّا الشَّريدُ الفريدُ، وعاد إلى غزنةَ سالِمًا ظافِرًا.
ثورة العوام على النصارى ببغداد .
العام الهجري : 392 العام الميلادي : 1001
تفاصيل الحدث:

ثارت العوامُّ على النَّصارى ببغداد، فنَهَبوا كنيسَتَهم التي بقطيعةِ الدَّقيقِ وأحرقوها، فسَقَطَت على خَلقٍ فماتوا، وفيهم جماعةٌ مِن المُسلِمينَ: رجالٌ ونِساءٌ وصِبيانٌ.
وفاة النحوي اللغوي الشهير أبي الفتح عثمان بن جني .
العام الهجري : 392 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1002
تفاصيل الحدث:

هو أبو الفَتحِ عُثمانُ بنُ جِنِّيٍّ، المَوصِليُّ النَّحويُّ اللُّغَويُّ المشهور، كان إمامًا في عِلمِ العربيَّة، صاحِبَ التصانيف الفائقة المُتداولة في النَّحو واللغة. قرأ الأدبَ على الشيخِ أبي عليٍّ الفارسيِّ، فارقه وقعَدَ للإقراء بالمَوصِل، وكان أبوه جِنِّيٌّ مملوكًا روميًّا لسُلَيمانَ بنِ فَهدِ بنِ أحمد الأزدي المَوصِليِّ، وابنُ جِنيٍّ واحِدٌ من أنفَعِ العُلَماءِ في علومِ العَرَبيَّة على مرِّ التاريخ، له مُؤَلَّفاتٌ عظيمةٌ تدُلُّ على نبوغِه الفَذِّ، مثل: "الخَصائص"، و "سِرُّ صناعة الإعراب"، و "المُنصِف في شرح تصريف أبي عثمان المازني" وغيرها. وكان ملازِمًا للبُويهيِّينَ، ويقال: إنَّه كان خَدَم ملوكَ بني بُوَيه، كعَضُدِ الدَّولةِ وشَرَف الدولة، وكان يَلزَمُهم, وله أشعارٌ حَسَنةٌ. وقيل: إنَّه كان أعوَرَ, توفِّيَ وهو في عشرِ السَّبعين.


=======================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

3. سورة ال عمران {ج5}

3. سورة ال عمران {ج5}    سُورَةُ آل عِمْرانَ الآيات (187-188) ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ...