حمل المصحف بكل صيغه

حمل المصحف

Translate

الخميس، 3 نوفمبر 2022

46.و47.ج46.أمين أسرار صاحب الزنج يطلب الأمان من الموفق بالله العام الهجري : 268 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 881.



ج46.أمين أسرار صاحب الزنج يطلب الأمان من الموفق بالله العام الهجري : 268 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 881
تفاصيل الحدث:

طلب جعفرُ بن إبراهيم السَّجَّان الأمانَ من الموفَّق، وكان أمينَ أسرار الخبيثِ صاحب الزنجِ، وأحدَ خواصِّه، فخلع عليه الموفَّقُ وأعطاه مالًا كثيرًا، وأمر بحَملِه إلى قريبِ مدينة الخبيث. فلمَّا حاذى قصر الخبيث صاح: وَيحَكُم إلى متى تصبِرونَ على هذا الخبيثِ الكذَّابِ؟ وحدَّثهم بما اطَّلع عليه مِن كَذِبه وفُجوره، فاستأمَنَ في ذلك اليومِ خلقٌ كثيرٌ منهم. وتتابع النَّاسُ في الخروجِ مِن عند الخبيثِ.
الموفق بالله يشدد الحصار على مدينة صاحب الزنج .
العام الهجري : 268 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 881
تفاصيل الحدث:

عبَرَ أبو أحمد الموفَّق إلى مدينة الفاجر بعد أن أوهى قُوَّتَه في مُقامِه بمدينة الموفَّقيَّة بحصاره والتضييقِ عليه، فلما أراد العبورَ إليها أمَرَ ابنه أبا العبَّاس بالقصد للموضِعِ الذي كان قصَدَه مِن رُكنِ مدينة الخبيث الذي يحوطُه بابنه وجِلَّةِ أصحابه وقوَّاده، وقصد أبو أحمد موضِعًا من السور- فيما بين النَّهرِ المعروف بمنكى، والنهر المعروف بابن سمعان- وأمر صاعدا وزيرَه بالقصد لفُوَّهة النهر المعروف بجري كور، وتقدَّمَ إلى زيرك في مناكفتِه وأمرَ مسرورًا البلخيَّ بالقصدِ لنهرِ ما يليهم من السورِ، وطلب منهم الموفَّق ألا يزيدوا على هدمِ السُّورِ، وألا يدخلوا مدينةَ الخبيث، ووكل بكل ناحيةٍ من النواحي التي وجَّه إليها القوَّاد شذوات فيها الرُّماة، وأمرهم أن يحمُوا بالسهامِ من يهدِمُ السورَ مِن الفَعَلة والرَّجَّالة الذين يخرجون للمدافعةِ عنهم، فثَلَم في السورِ ثُلَمًا كثيرة، ودخل أصحابُ أبي أحمد مدينةَ الفاجر من جميع تلك الثُّلَم، وجاء أصحاب الخبيث يحاربونَهم فهزمهم أصحابُ أبي أحمد وأتبعوهم حتى وغَلوا في طلَبِهم، إلَّا أن أصحاب الخبيث تراجعوا فشَدُّوا على أصحاب أبي أحمد وقتلوا منهم جماعةً، وأصاب أصحابُ الخبيثِ أسلحةً وأسلابًا، وثبت جماعةٌ من غلمان أبي أحمد فدافعوا عن أنفُسِهم وأصحابِهم، حتى وصلوا إلى الشذا، وانصرف أبو أحمد بمن معه إلى مدينة الموفَّقيَّة وأمر بجَمعِهم وعَذلِهم على ما كان منهم من مخالفةِ أمْرِه والافتياتِ عليه في رأيه وتدبيرِه، وتوعَّدَهم بأغلظِ العُقوبة إن عادوا لخلافِ أمْرِه بعد ذلك، وأمر بإحصاءِ المفقودين من أصحابِه فأُحصوا له، وأقَرَّ ما كان جاريًا لهم على أولادِهم وأهاليهم، فحَسُنَ مَوقِعُ ذلك منهم، وزاد في صِحَّة نيَّاتهم لِمَا رأَوا من حياطتِه خَلْفَ من أصيبَ في طاعتِه.
وفاة ابن المواز المالكي .
العام الهجري : 269 العام الميلادي : 882
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني المالكي صاحبُ التصانيف المشهورة، المعروف بابن الموَّاز، فقيهٌ مالكي، تفقَّه على أصبغ بن الفرج المصري، وعلى ابن الماجِشون، انتهت إليه رياسةُ المذهب المالكي في عصره، فكان المنتهى في تفريعِ المسائل، وكتابه المشهورُ بالموازية يعتبَرُ من الكتب المعتَمَدة في الفقه المالكي، بل قيل: هو أصحُّ كتاب في الفقه المالكي، وعليه العُمدةُ، قَدِمَ دمشقَ في صحبة أحمد بن طولون, وقيل: إنه تزهَّد، وانزوى ببعض الحصونِ الشاميَّة في أواخر عمره، حتى أدركه أجَلُه- رحمه الله تعالى- توفي في دمشق عن 99 عامًا.
محاولة الخليفة العباسي المعتمد التآمر مع ابن طولون على أخيه الموفق .
العام الهجري : 269 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 882
تفاصيل الحدث:

لَمَّا رأى الخليفةُ المعتَمِد أن أخاه أبا أحمد قد استحوذ على أمورِ الخلافة، وصار هو الحاكِمَ الآمِرَ الناهي، وإليه تُجلَبُ التقادم وتُحمَل الأموال والخَراج، وهو الذي يُوَلِّي ويعزل، كتب إلى أحمد بن طولون يشكو إليه ذلك، فكتب إليه ابن طولون أن يتحَوَّل إليه في مصرَ، ووعده النصرَ والقيامَ معه، فاستغلَّ غَيبةَ أخيه الموفَّق، وركب في جمادى الأولى ومعه جماعةٌ من القواد، وقد أرصد له ابن طولون جيشًا بالرقة يتلقَّونه، فلما اجتاز الخليفةُ بإسحاق بن كنداج نائب الموصل وعامة الجزيرة، اعتقله عنده عن المسيرِ إلى ابن طولون، وفنَّدَ أعيانَ الأمراء الذين معه، وعاتب الخليفةَ ولامَه على هذا الصنع أشَدَّ اللوم، ثم ألزمه العودَ إلى سامرَّا ومن معه من الأمراء، فرجعوا إليها في غاية الذلِّ والإهانة، ولَمَّا بلغ الموفَّقَ ذلك شكَرَ سعيَ إسحاق وولَّاه جميع أعمال أحمد بن طولون إلى أقصى بلاد إفريقيَّة، وكتب إلى أخيه أن يأمنَ ابن طولون في دار العامة، فلم يمكِنْ المعتَمِد إلَّا إجابتُه إلى ذلك، وهو كارِهٌ، وكان ابن طولون قد قطع ذِكرَ الموفَّق في الخُطَب وأسقط اسمَه عن الطرازات.
كاتب صاحب الزنج يطلب الأمان من الموفق .
العام الهجري : 269 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

طلب محمدُ بن سمعان- كاتِبُ الخبيث، وأوثَقُ أصحابِه في نفسِه- الأمانَ من الموفَّقِ، وكان سببَ استئمانِه أنَّ الخبيث أطلَعَه على أنه عازمٌ على الخلاصِ وَحدَه بغير أهلٍ ولا مالٍ، فلمَّا رأى ذلك من عزْمِه، أرسل يطلبُ الأمان، فأمَّنَه الموفَّقُ وأحسن إليه، وقيل: كان سبَبَ خُروجِه أنه كان كارهًا لصُحبة الخبيث، مُطَّلعًا على كُفرِه وسوءِ باطِنِه، ولم يمكِنْه التخلصُ منه ففارقه.
الحرب بين عسكر ابن طولون وعسكر الموفق بمكة .
العام الهجري : 269 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

سبَبُها أنَّ أحمد بن طولون سيَّرَ جيشًا مع قائدينِ إلى مكَّةَ، فوصلا إليها وجمَعا الحنَّاطين، والجزارين، وفَرَّقا فيهم مالًا؛ وكان عامِلُ مكة هارون بن محمد إذ ذاك ببستانِ ابن عامر قد فارقها خوفًا منهما، فقَدِمَ مكة جعفر الباغمردي في عسكرٍ، وتلقاه هارون بن محمد في جماعةٍ، فقَوِيَ بهم جعفر، والتَقَوا هم وأصحاب ابن طولون فاقتتلوا وأعان أهلُ خراسان جعفرًا، فقتل من أصحابِ ابن طولون مائتي رجلٍ، وانهزم الباقونُ وسُلِبوا وأُخِذَت أموالهم، وأخذ جعفرٌ من القائدينِ نحوَ مائتي ألف دينار، وأمَّن المصريِّين، والجزَّارين، والحنَّاطين، وقُرِئَ كتابٌ في المسجد الجامع، ولُعِن ابن طولون، وسَلِم الناسُ وأموال التجار.
خروج محمد بن الفضل أمير صقلية إلى ناحية رمطة .
العام الهجري : 269 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

خرج محمد بن الفضل أميرُ صقليَّة في عسكرٍ إلى ناحية رمطة، وبلغ العَسكرُ إلى قطانية، فقتل كثيرًا من الرومِ، وسبى وغَنِم، ثم انصرف إلى بلرم.
وفاة محمد بن نُصَير رأس النصيرية .
العام الهجري : 270 العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

هو أبو شُعَيب- وقيل: أبو جعفر- محمد بن نُصَير بن بكر النميري البصري، أحد نوَّاب الإمام المنتظَر عند الرافضة في فترة الغَيبة الصغرى. إليه تُنسَبُ الفرقةُ النصيرية، وهي من الفِرَق الباطنيةِ من غُلاة الشيعة، زعم ابنُ نصير هذا أنَّه الباب إلى الإمامِ الحسن العسكري، أي: أنَّه الإمام والمَرجِعُ من بعده، ثم ادَّعى ألوهيَّةَ علي بن أبي طالب، وأنه هو الذي أرسلَه للنَّاسِ رسولًا، قال بالتناسُخِ وأنَّ المؤمِنَ يتحَوَّلُ إلى سَبعِ مراحِلَ قبل أن يأخُذَ مكانه بين النجوم، وأما الشِّريرُ فيُنسَخ إلى نصراني أو يهودي أو مُسلم حتى يتخَلَّصَ من الكفرِ أو يتحَوَّلَ إلى كِلابٍ وبغال وحمير، وقيل: بل هؤلاء الذين لا يعبدون عليًّا، وإباحة المحارم، والخَمر، والنُّصيرية اليوم قبائِلُ موزعة غالِبُها في جبال العلويين في أطرافِ الساحل الغربي لسوريا، ولواء إسكندرون بتركيا وكردستان وإيران.
هزيمة الروم على يد نائب طرسوس بازمان .
العام الهجري : 270 العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

خرجت الرومُ في مائة ألف، فنزلوا على قلمية، وهي على ستَّة أميال من طرسوس، فخرج إليهم الخادمُ نائب طرسوس بازمان ليلًا فبَيَّتَهم في ربيع الأول، فقتَلَ منهم- فيما يقال- سبعين ألفًا، وقتل مُقَدَّمَهم، وهو بطريق البطارقة، وقتل أيضًا بِطريقَ الفنَّادين، وبِطريقَ الباطليق، وأفلت بطريقِ قرة وبه عدَّة جراحات، وأخذ لهم سبعةَ صُلبان من ذهب وفضة؛ وصَليبُهم الأعظمُ من ذهب مكَلَّل بالجوهر، وأخذ خمسة عشر ألف دابَّة، ومن السُّروجِ وغير ذلك، وسُيوفًا محلاة، وأربعَ كراسيَّ من ذهب، ومائتي كرسيٍّ من فضة، وآنيةً كثيرة، ونحوًا من عشرة آلاف علَم ديباج، وديباجًا كثيرًا وبزيون وغير ذلك.
وفاة الحسن بن زيد مؤسس الدولة العلوية .
العام الهجري : 270 العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

هو الحسَنُ بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، صاحبُ طبرستان ومؤسِّس الدولةِ العَلَوية فيها، كان في الريِّ، فلما حَدَثت الفتنةُ بين بني طاهر أصحابِ خراسان وبين أهل طبرستان سنة 250هـ كتبوا إليه يستدعونَه، فبايعوه والتفَّ عليه الديلم وأمراءُ النواحي، فمَلَك طبرستان وجرجان والريَّ، فدامت دولتُه عشرين سنة، وخَلَفه بعده أخوه محمد، والحسنُ كان أحد العُلَماء الزيدية، له كتاب (الجامع في الفقه) و كتاب (الحجَّة في الإمامة).
وفاة داود الظاهري .
العام الهجري : 270 العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ العلَّامة داود بن علي بن خلَف، أبو سليمان الظاهريُّ الأصبهاني، صاحِبُ مذهب الظاهريَّة، المعروف بداود الظاهريِّ، وهو أصبهانيُّ الأصل، من أهل قاشان (بلدة قريبة من أصبهان) وُلِدَ سنة 200ه في الكوفة. سكن بغداد، وهو أوَّلُ من نفى القياسَ في الأحكامِ الشرعيَّة، تُنسَب إليه طائفةُ الظاهريَّة، وسُمِّيَت بذلك لتمسُّكِها بظواهرِ النصوصِ وإعراضِها عن التأويلِ والرأيِ والقياسِ. وكان داودُ أوَّلَ مَن جهر بهذا القول. سَمِعَ الكثيرَ ولقِيَ الشيوخَ وتَبِعَه خلقٌ كثيرٌ، وقَدِمَ بغدادَ وصَنَّف بها الكتُبَ، وإليه انتهت رياسةُ العلم ببغداد، وتوفي بها في رمضان، وقيل: في ذي القعدة، عن عمر 70 عامًا.
قتل صاحب الزنج المدعي أنه علي بن محمد وإنهاء فتنته .
العام الهجري : 270 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

لَمَّا قُتِلَ الذين كانوا يمُدُّون الزنجَ بالميرة، وقُطِعَت تلك الإمدادات واشتَدَّ الحصار على الزنج، ولَمَّا فرغ الموفَّقُ من شأن مدينة صاحبِ الزنج، وهي المختارة، واحتاز ما كان بها من الأموالِ وقَتَل من كان بها من الرجال، وسَبى من وجد فيها من النِّساء والأطفال، وهرب صاحِبُ الزنج عن حومةِ الحرب والجِلاد، وسار إلى بعضِ البلاد طريدًا شريدًا بشَرِّ حال؛ عاد الموفَّق إلى مدينتِه المُوفَّقيَّة مُؤيَّدًا منصورًا، وقَدِمَ عليه لؤلؤة غلام أحمد بن طولون مُنابذًا لسيِّده سميعًا مطيعًا للمُوَفِّق، وكان ورودُه عليه في ثالث المحرم من هذه السنة، فأكرمه وعَظَّمه وأعطاه وخَلَع عليه وأحسَنَ إليه، وبعثه طليعةً بين يديه لقتالِ صاحب الزنج، وركِبَ الموفَّق في الجيوش الكثيفة الهائلة وراءه، فقصدوا الخبيث وقد تحصَّنَ ببلدة أخرى، فلم يزل به محاصِرًا له حتى أخرجه منها ذليلًا، واستحوذ على ما كان بها من الأموالِ والمغانم، ثمَّ بعث السرايا والجيوشَ وراء حاجِبِ صاحب الزنج، فأسروا عامَّة من كان معه من خاصَّته وجماعتِه، منهم سليمان بن جامع، فاستبشر الناسُ بأسره وكبَّرُوا الله وحَمِدوه؛ فرحًا بالنصر والفتح، وحمل الموفَّقُ بمن معه حملةً واحدة على أصحابِ الخبيث فاستحَرَّ فيهم القتل، وما انجلت الحربُ حتى جاء البشيرُ بقتل صاحب الزنج في المعركةِ، وأُتي برأسِه مع غلامِ لؤلؤة الطولوني، فلما تحقَّق الموفَّق أنَّه رأسُه بعد شهادة الأمراء الذين كانوا معه من أصحابِه بذلك، خَرَّ ساجدًا لله، ثم انكفأ راجعًا إلى الموفَّقيَّة، ورأسُ الخبيثِ يُحمَلُ بين يديه، وسليمانُ معه أسير، فدخل البلدَ وهو كذلك، وكان يومًا مشهودًا، وفرح المسلمون بذلك في المغارب والمشارق، ثم جيء بأنكلاني ولد صاحب الزنج، وأبان بن علي المهلبي مُسَعِّر حربِهم مأسورينِ، ومعهم قريبٌ من خمسة آلاف أسير، فتم السرورُ وهرب قرطاس الذي رمى الموفَّق بصدره بذلك السَّهم إلى رامهرمز، فأُخِذَ وبُعِثَ به إلى الموفَّق فقتله أبو العباس أحمد بن الموفَّق، واستتاب مَن بقي من أصحابِ صاحب الزنج وأمَّنَهم الموفَّق، ونادى في الناس بالأمان، وأن يرجِعَ كُلُّ من كان أُخرِجَ من دياره بسبَبِ الزنج إلى أوطانِهم وبلدانهم، ثم سار إلى بغداد وقَدَّمَ ولده أبا العباس بين يديه، ومعه رأسُ الخبيث يُحمَلُ لِيَراه الناس، فدخلها لثنتي عشرة ليلةً بقيت من جمادي الأولى من هذه السنة، وكان يومًا مشهودًا، وانتهت أيامُ صاحب الزنج المُدَّعي الكذَّاب- قبَّحه الله- واسمُه محمد بن علي، وقد كان ظهورُه في يوم الأربعاء لأربعٍ بَقِين من رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان هلاكُه يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين ومائتين، وكانت دولته أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام، ولله الحمدُ والمنَّة، وقد قيل في انقضاء دولة الزنجِ وما كان من النصرِ عليهم أشعارٌ كثيرة.
مسير إسحاق بن كنداجيق إلى الشام .
العام الهجري : 270 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّيَ أحمدُ بن طولون كان إسحاقُ بن كنداجيق على الموصل والجزيرة، فطَمِعَ هو وابن أبي الساج- وهما من كبار قادة الترك عند المعتَمِد- في الشام، واستصغرا أولادَ أحمد، وكاتَبا الموفَّقَ بالله في ذلك، واستمَدَّاه، فأمرهما بقصدِ البلاد، ووعدهما إنفاذَ الجيوش، فجمَعَا وقصدَا ما يجاوِرُهما من البلاد، فاستولَيَا عليه وأعانهما النائبُ بدمشق لأحمد بن طولون، ووعدَهما الانحيازَ إليهما فتراجع مَن بالشامِ مِن نواب أحمد بأنطاكية، وحلب وحمص، وعصى متولِّي دمشق، واستولى إسحاقُ عليها، وبلغ الخبَرُ إلى أبي الجيش خمارَوَيه بن أحمد بن طولون، فسيَّرَ الجيوش إلى الشام فمَلَكوا دمشق، وهرب النائبُ الذي كان بها من قِبَل إسحاق؛ وسار عسكرُ خمارويه من دِمشقَ إلى شيزر لقتال إسحاق بن كنداجيق وابن أبي الساج، فطاولهم إسحاقُ ينتظِرُ المدد من العراق، وهجم الشتاءُ على الطائفتَينِ، وأضرَّ بأصحاب ابن طولون، فتفَرَّقوا في المنازل بشيزر، ووصل العسكرُ العراقي إلى كنداجيق، وعليهم أبو العباس أحمد بن الموفَّق وهو المعتضِدُ بالله، فلما وصل سار مُجِدًّا إلى عسكر خمارويه بشيزر، فلم يَشعُروا حتى كبَسَهم في المساكن، ووضع السيفَ فيهم، فقتل منهم مقتلةً عظيمةً، وسار من سَلِمَ إلى دمشق على أقبَحِ صُورةٍ، فسار المعتَضِد إليهم، فجُلُوا عن دمشقَ إلى الرملة، ومَلَك هو دمشق، ودخلَها في شعبان سنة إحدى وسبعين ومائتين، وأقام عسكرُ ابن طولون بالرملة، فأرسلوا إلى خِمارَوَيه يُعَرِّفونه بالحال، فخرج من مصرَ في عساكره قاصدًا إلى الشَّامِ.
وفاة الربيع بن سليمان صاحب الشافعي .
العام الهجري : 270 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

هو الربيعُ بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل أبو محمد المراثي الفقيهُ، صاحِبُ الشافعيِّ، نقل عنه مُعظَمَ أقاويلِه، وكان فقيهًا فاضلًا ثقةً دَيِّنًا، وهو أوَّلُ من أملى الحديثَ بجامع ابن طولون، مات بمصر عن عمر 96 عامًا، وصلى عليه صاحِبُ مصر خِمارَوَيه بن أحمد بن طولون.
وفاة أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية بمصر .
العام الهجري : 270 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

هو أحمد بن طولون أبو العبَّاسِ، تركي الأصل، ولِدَ بسامرَّاء، عام 220ه كانت أمُّه جاريةً اسمُها هاشم, أميرُ الديار المصرية، وباني الجامع المنسوب إليه، نشأ ابنُ طولون في صيانةٍ وعفافٍ ورياسةٍ وطلَبٍ للعلمِ ودِراسةٍ للقرآن العظيم، مع حُسنِ الصَّوتِ به. تنقَّلَت به الأحوال؛ تأمَّرَ فولِيَ ثُغورَ الشامِ، ثمَّ إمرةَ دمشق، ثم ولِيَ الديار المصريةَ في سنة أربع وخمسين، وله إذ ذاك أربعونَ سنة, وكانت له أطماعٌ توسُّعِيَّة على حسابِ الخلافة العباسيَّة, والخليفةُ كان مشغولًا عنه بحرب الزنج. وكان بطلًا شُجاعًا، مِقدامًا مَهِيبًا، سائِسًا جَوادًا، مُمَدَّحًا باذِلًا، مِن دُهاة الملوك. لكنَّه كان جبارًا سفَّاكًا للدماء، أُحصِيَ من قتَلَهم صبرًا، أو مات في سِجنِه، فبلغوا ثمانية عشر ألفًا. كان يعيب على أولاد التُّرك ما يرتكبونَه من المحرَّمات والمُنكَرات. بنى المارستان وأنفقَ عليه ستين ألف دينار، وعلى الميدانِ مائةً وخمسين ألفًا، وكانت له صدقات كثيرة جدًّا، وإحسانٌ زائد. ملك دمشقَ بعد أميرها ماخور، توفِّي بمصر من علةٍ أصابته من أكلِ لَبَن الجواميسِ فأُصيبَ بسَبَبِه فكواه الأطباءُ وأمروه أن يحتمِيَ منه، فلم يقبَلْ منهم، فكان يأكُلُ منه خُفيةً، فمات رحمه الله، وقد تركَ من الأموال والأثاث والدوابِّ شَيئًا كثيرًا جدًّا، من ذلك عشرةُ آلافِ ألفِ دينار، ومن الفضَّة شيئًا كثيرًا، وكان له ثلاثةٌ وثلاثون ولدًا، منهم سبعة عشر ذكرًا. قام بالأمر من بعده وَلَدُه خِمارَوَيه.
وقعة الطواحين بين المعتضِدِ بالله وبين خِمارَوَيه بن طولون .
العام الهجري : 271 العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

كانت بين أبي العباس المعتضِدِ بن الموفَّق وبين خِمارَوَيه بن أحمد بن طولون، وذلك أن المعتَضِد سار من دمشق- بعد أن ملَكَها- نحوَ الرملة إلى عساكرِ خمارويه، فأتاه الخبَرُ بوصول خمارويه إلى عساكرِه، وكثرةِ مَن معه من الجموع، فهَمَّ بالعود، فلم يُمكِنْه من معه من أصحاب خمارويه الذين صاروا معه؛ وكان المعتضد قد أوحش ابن كنداجيق، وابن أبي الساج، ونسبهما إلى الجبن، حيث انتظراه ليصل إليهما ففسدت نياتهما معه، ولما وصل خمارويه إلى الرملة نزل على الماء الذي عليه الطواحين، فملكه، فنسبت الوقعة إليه؛ ووصل المعتضد وقد عبأ أصحابه، وكذلك أيضًا فعل خمارويه، وجعل له كمينًا عليهم سعيدًا الأيسر، وحملت ميسرة المعتضد على ميمنة خمارويه، فانهزمت، فلما رأى ذلك خمارويه، ولم يكن رأى مصافًا قبله، ولى منهزمًا في نفر من الأحداث الذين لا علم لهم بالحرب، ولم يقف دون مصر، ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه، وهو لا يشك في تمام النصر، فخرج الذين عليهم سعيد الأيسر، وانضاف إليه من بقي من جيش خمارويه، ونادوا بشعارهم، وحملوا على عسكر المعتضد وهم مشغولون بنهب السواد، ووضع المصريون السيف فيهم، وظن المعتضد أن خمارويه قد عاد، فركب فانهزم ولم يلو على شيء، فوصل إلى دمشق، ولم يفتح له أهلها بابها فمضى منهزمًا حتى بلغ طرسوس، وبقي العسكران يضطربان بالسيوف، وليس لواحد منهما أمير، وطلب سعيد الأيسر خمارويه فلم يجده، فأقام أخاه أبا العشائر، وتمت الهزيمة على العراقيين، وقتل منهم خلق كثير وأسر كثير، وقال سعيد للعساكر: إن هذا – يعني أبا العشائر- أخو صاحبكم، وهذه الأموال تنفق فيكم؛ ووضع العطاء، فاشتغل الجند عن الشغب بالأموال، وسيرت البشارة إلى مصر، ففرح خمارويه بالظفر، وخجل للهزيمة، غير أنه أكثر الصدقة، وفعل مع الأسرى فعلة لم يسبق إلى مثلها أحد قبله، فقال لأصحابه: إن هؤلاء أضيافكم فأكرموهم؛ ثم أحضرهم بعد ذلك وقال لهم: من اختار المقام عندي فله الإكرام والمواساة، ومن أراد الرجوع جهزناه وسيرناه؛ فمنهم من قام ومنهم من سار مكرمًا؛ وعادت عساكر خمارويه إلى الشام أجمع، فاستقر ملك خمارويه له.
دخول محمد وعلي ابنا الحسين بن جعفر المدينة النبوية .
العام الهجري : 271 العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

دخل محمدٌ وعليٌّ ابنا الحُسَين بن جعفر بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة، وقتلا جماعةً مِن أهلها وأخذا من القومِ مالًا، ولم يُصَلِّ أهلُ المدينة في مسجدِ رسولِ اللهِ- صلَّى اللهُ عليه وسلم- لا جمعةً ولا جماعةً، شَهرًا.
وقوع حرب بين عسكر الخليفة وعمرو الصفار .
العام الهجري : 271 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

وقَعَت الحربُ بين عساكر الخليفة وفيها أحمد بن عبدالعزيز بن أبي دلف، وبين عمرو بن الليث الصَّفَّار، ودامت الحربُ من أوَّلِ النهار إلى الظهر، فانهزم عمرٌو وعساكِرُه، وكانوا خمسةَ عشَرَ ألفًا بين فارسٍ وراجلٍ، وجُرِحَ الدرهميُّ مُقَدَّمُ جيشِ عَمرِو بن الليث، وقُتِلَ مائة رجل من حُماتِهم، وأُسِرَ ثلاثةُ آلاف، واستأمنَ منهم ألفَ رجل، وغَنِموا من معسكرِ عَمرٍو من الدوابِّ والبقَرِ والحميرِ ثلاثينَ ألفَ رأسٍ، وما سوى ذلك فخارِجٌ عن الحَدِّ والحصرِ.
تحرك بقية خوارج الزنج في أرض البصرة .
العام الهجري : 272 العام الميلادي : 885
تفاصيل الحدث:

تحرَّكَت بقيَّةُ الزنج في أرض البصرة ونادَوا: يا انكلاي يا منصور، وانكلاي هو ابنُ صاحب الزنج، وسليمانُ بن جامع وأبان بن علي المهلبي، وجماعةٌ من وجوههم كانوا في جيش الموفَّق, فبعث إليهم الموفَّق فقُتِلوا وحُمِلَت رؤوسُهم إليه، وصُلِبَت أبدانُهم ببغداد، وسَكَنَت شرورُهم.
نشوب حرب بين اذكوتكين ومحمد بن زيد العلوي .
العام الهجري : 272 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 885
تفاصيل الحدث:

وقَعَت حربٌ شديدة بين أذكوتكين بن أساتكين أحدِ قوَّاد التُّرك وبين محمَّد بن زيد العلوي، صاحِبِ طبرستان، ثم سار أذكوتكين من قزوين إلى الريِّ ومعه أربعةُ آلاف فارس، وكان مع محمد بن زيد من الديلم والطبريَّة والخراسانية عالَمٌ كبير، فاقتتلوا فانهزم عسكرُ محمد بن زيد وتفَرَّقوا، وقُتِل منهم ستةُ آلافٍ وأُسِرَ ألفانِ، وغَنِمَ أذكوتكين وعسكَرُه من أثقالِهم وأموالِهم ودوابِّهم شيئًا لم يَرَوا مِثلَه، ودخل أذكوتكين الريَّ فأقام بها وأخذ من أهلِها مائةَ ألفِ ألف دينار، وفرَّقَ عمالَه في أعمالِ الريِّ.

=============

ج47. خمارويه يعيد توحيد مصر والشام .
العام الهجري : 273 العام الميلادي : 886
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنَة فسَدَ الحالُ بين محمد بن أبي الساج وإسحاق بن كنداج- من كبار قادةِ الأتراك في عهد المُعتَمِد- وكانا متَّفِقَين في الجزيرة، وسببُ ذلك أنَّ ابن أبي الساج نافَرَ إسحاق في الأعمالِ، وأراد التقدُّمَ، وامتنع عليه إسحاقُ، فأرسل ابن أبي الساج إلى خِمارَوَيه بن أحمد بن طولون، صاحِبِ مصر، وأطاعه وصار معه وخطَبَ له بأعمالِه، وهي قِنَّسرين، وسيَّرَ ولده ديوداد إلى خِمارَوَيه رهينةً، فأرسل إليه خمارويه مالًا جزيلًا له ولِقُوَّاده، وسار خمارَوَيه إلى الشام، فاجتمع هو وابنُ أبي الساج ببالس، وعبَرَ ابن أبي الساج الفراتَ إلى الرقَّة، فلقيه ابن كنداج، وجرت بينهما حربٌ انهزم فيها ابن كنداج، واستولى ابن أبي الساج على ما كان لابنِ كنداج، وعبَرَ خمارويه الفراتَ ونزل الرافقة، ومضى إسحاقُ مُنهزِمًا إلى قلعة ماردين، فحصره ابنُ أبي الساج، وسار عنها إلى سنجار، فأوقع بقومٍ من الأعراب، وسار ابن كنداج من ماردين نحو الموصِل، فلقيه ابنُ أبي الساج ببرقعيد، فكَمَن كمينًا فخرجوا على ابن كنداج وقتَ القتال، فانهزم عنها وعاد إلى ماردين فكان فيها، وقَوِيَ ابنُ أبي الساج وظهر أمرُه، واستولى على الجزيرةِ والموصل، وخطَبَ لخِمارَوَيه فيها ثمَّ لنَفسِه بعدَه.
ثورة العبيد السودان في مصر .
العام الهجري : 273 العام الميلادي : 886
تفاصيل الحدث:

ثار السودانُ بمصر وحصروا صاحِبَ الشُّرطة، فسَمِعَ خِمارَوَيه بن أحمد بن طولون الخبَرَ، فركب، وفي يده سيفٌ مسلولٌ، وقصد دارَ صاحِبِ الشرطة، وقتل كلَّ مَن لَقِيَه من السودان، فانهزموا منه، وأكثَرَ القتلَ فيهم، وسكنت مصرُ وأمِنَ النَّاسُ
وفاة محمد بن عبدالرحمن صاحب الأندلس .
العام الهجري : 273 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 886
تفاصيل الحدث:

هو محمَّد بن عبد الرحمن بن الحَكَم بن هشام الأموي، صاحِبُ الأندلُس، كانت ولايتُه أربعًا وثلاثين سنةً وأحد عشر شهرًا، كان أيمَنَ أمراءِ الأندلُس مُلكًا، وأكرَمُهم تثبُّتًا وأناةً، يجمَعُ إلى هذه الخِلالِ البلاغةَ والأدبَ، وكان ذكيًّا فَطِنًا بالأمور المُشتَبِهة، خلف نيفًا وخمسين ولدًا، منهم ثلاثةٌ وثلاثون ذكرًا، ولَمَّا مات كان عمرُه نحوًا مِن خمس وستين سنةً. وَلِيَ بعده ابنُه المنذر بن محمد، بويِعَ له بعد موتِ أبيه لثلاث ليال، وأطاعه النَّاسُ، وأحسَنَ إليهم.
وفاة ابن ماجه صاحب السنن .
العام الهجري : 273 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 887
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، صاحِبُ كتابِ السُّنَن المشهورِ، وهي دالَّةٌ على عَمَلِه وعِلمِه وتبحُّرِه واطلاعِه واتِّباعِه للسُّنَّة في الأصول والفروع، حُكِيَ عن أبي زُرعةَ الرازي أنه انتقَدَ منها بضعة عشر حديثًا، كان عالِمًا بهذا الشأن، صاحِبَ تصانيف، منها (التاريخ والسُّنَن)، ارتحل إلى العراقَينِ- الكوفة والبصرة- ومصر والشام، مات وعمره أربعٌ وستون سنة، وصلَّى عليه أخوه أبو بكر، تولى دفنه مع أخيه الآخَرِ أبي عبد الله وابنه عبد الله بن محمد بن يزيد رحمه الله.
حروب أهلية في الأندلس .
العام الهجري : 275 العام الميلادي : 888
تفاصيل الحدث:

بعد وفاة الأمير المنذر بويعَ بالإمارة بعده لأخيه عبد الله بن محمَّد بن عبد الرحمن بن الحكم، وأفضَتِ الإمارةُ إليه، وقد مَزَّقَها الشِّقاقُ، ونَقْض العهود, وحلَّ عُراها النِّفاق؛ والفِتنةُ مُستولِية، والقلوبُ مُختَلِفة، والباطِلُ قد أُعلِن، والشَّرُّ قد اشتَهَر؛ وقد تمالأ على أهلِ الإيمان حِزبُ الشيطان؛ وتألَّبَ على أهلِ الإسلامِ أهلُ الشِّركِ ومن ضاهاهم من أهلِ الفتنةِ، الذين جرَّدوا سيوفَهم على أهل الإسلام، فصار أهلُ الإسلامِ بين قتيلٍ ومَحروب ومحصورٍ، انقطَعَ الحرث، وكاد أن ينقَطِعَ النَّسلُ. فناضل الأميرُ بجُهده، وحمى بجِدِّه، وجاهد عدُوَّ اللهِ وعَدُوَّه. وانقطع الجهادُ إلى دار الحرب، وصارت بلادُ الإسلام بالأندلس هي الثَّغرَ المَخُوف؛ فكان قتالُ المنافقين وأشباهِهم أوكَدَ بالسُّنَّة، وألزمَ بالضَّرورة.
قتال بين خمارويه وابن أبي الساج .
العام الهجري : 275 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 888
تفاصيل الحدث:

كان بين ابن أبي الساج- أحد كبارِ قادةِ الأتراك في عهد المعتَمِد- وخِمارَوَيه بن طولون اتِّفاقٌ، وكان ابنُ أبي الساج يطيع خِمارَوَيه ويسمَعُ له، إلَّا أنَّ ابنَ أبي الساج خالف على خمارَوَيه، فلما سمع خمارويه الخبَرَ، سار عن مصر في عساكِرِه نحو الشام، فقَدِمَ إليه آخِرَ سنة أربع وسبعين، فسار ابنُ أبي الساج إليه، فالتَقَوا عند ثنية العقاب بقُرب دمشق، وكان القتالُ بينهما فانهزمت ميمنةُ خمارَوَيه وأحاط باقي عسكرِه بابن أبي الساج ِومن معه، فمضى منهزمًا واستبيح مُعسكَرُه، وأُخِذَت الأثقال والدوابُّ وجميعُ ما فيه، وكان قد خلَّفَ بحمص شيئًا كثيرًا فسَيَّرَ إليه خمارويه قائدًا في طائفةٍ من العسكرِ جريدة، فسبقوا ابنَ أبي الساج إليها ومنعوه من دخولِها والاعتصام بها، واستولوا على ما لَه فيها، فمضى ابن أبي الساج منهزمًا إلى حلَب، ثم منها إلى الرقَّة، فتبعه خمارَوَيه، ففارق الرقَّة، فعبر خمارويه الفراتَ، وسار في أثرِ ابنِ أبي الساج، فوصل خمارويه إلى مدينةِ بلد، وكان قد سبقه ابنُ أبي الساج إلى الموصل. فلما سمع ابنُ أبي الساج بوصولِه إلى بلد سارَ عن الموصِلِ إلى الحديثة، وأقام خمارَوَيه ببلد.
وفاة أمير الأندلس المنذر بن محمد بن عبدالرحمن .
العام الهجري : 275 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 888
تفاصيل الحدث:

هو المُنذِر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم أبو الحكم المرواني. تملَّك بعد والِدِه. لَقِيَ مصرَعَه وهو أمام قلعةِ بربشتر محاصِرًا لعمر بن حفصون رأس الخارجينَ على سُلطانِ الدولة الأمويَّة بالأندلس، كانت ولايتُه سنةً واحدة وأحدَ عشَرَ شهرًا وعشرة أيَّام.
وفاة أبي داود صاحب السنن .
العام الهجري : 275 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 889
تفاصيل الحدث:

هو سُليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد السِّجستاني، إمامٌ في الحديث، وُلِدَ بسجستان عام 202ه، رحل إلى بغداد وتفَقَّه فيها على الإمامِ أحمد وغيرِه، ورحل إلى الحجاز والشام ومصر، قال أبو بكر الخَلَّال: "أبو داود سليمانُ بن الأشعث السجستاني الإمامُ المقدَّم في زمانِه، رجلٌ لم يَسبِقْه إلى معرفةِ تخريجِ العلومِ وبَصرِه بمواضِعِها أحَدٌ مِن أهلِ زمانه، رجلٌ وَرِعٌ مُقَدَّم"، وقال إبراهيم الحربي: "أُلِينَ لأبي داودَ الحديثُ، كما أُلينَ لداودَ الحديدُ"، كان أحدَ حُفَّاظ الإسلام للحديثِ وعِلَلِه وسَنَدِه، وكان في أعلى درجةِ النُّسُك والعَفافِ والصَّلاحِ والوَرَع، من فُرسان الحديثِ، استقَرَّ بالبصرة بناءً على رغبة الموفَّق الخليفةِ العباسي، ودرَّس فيها إلى أن توفِّيَ فيها- رحمه الله تعالى- عن عمر 73 سنة.
وفاة بقي بن مخلد الأندلسي صاحب المسند .
العام الهجري : 276 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 889
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبدالرحمن بقِيُّ بن مَخلَد بن يزيد أبو عبد الرحمن الأندلسي الحافِظُ الكبير، له المُسنَد المبَوَّب على الفِقهِ، روى فيه عن ألفٍ وستمائة صحابي، وقد فضَّلَه ابنُ حزم على مسند الإمامِ أحمد بن حنبل، وقد رحل بقيٌّ إلى العراقِ، فسَمِعَ من الإمام أحمد وغيرِه من أئمَّة الحديث بالعراق وغيرها، يزيدون على المائتين بأربعة وثلاثين شيخًا، وله تصانيفُ أخرى، وكان رجلًا صالحًا عابدًا زاهدًا مُجابَ الدَّعوة، ومُسنَدُه المذكور مفقودٌ، ليس منه إلَّا جزءٌ يسير.
وفاة ابن قتيبة الدينوري .
العام الهجري : 276 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 889
تفاصيل الحدث:

هو أبو محمَّد عبدالله بن مسلم بن قُتَيبة الدِّينَوَري وقيل المروزي، ولد سنة 213ه, خطيبُ أهل السنة، عالمٌ في التفسيرِ واللُّغة، والنحو والأدب، والتاريخ والحديث، تولَّى القضاءَ في دِينَوَر فنُسِبَ إليها، كان شديدًا على المعتَزِلة، عاد إلى بغداد ودرَّسَ فيها، ومن مؤلَّفاتِه غريبُ الحديث، ومُشكِل القرآنِ، وأدب الكاتبِ، وجامِعُ النَّحوِ، وغيرُها، توفي عن 63 سنة.
ظهور حركة القرامطة في العراق .
العام الهجري : 277 العام الميلادي : 890
تفاصيل الحدث:

بعد أن تمَّ القضاءُ على ثورةِ الزنج، بدأ بالظهورِ دَعوةٌ جديدة كان رائِدَها حمدانُ بن الأشعث المعروف بقَرمَط، جاء من خوزستان إلى الكوفةِ واستقَرَّ بمكانٍ يُسمَّى (النهرين)، وكان يُظهِرُ الزهدَ والتقشُّفَ ويسفُ الخُوصَ ويأكُلُ مِن كَسْبِ يَدِه، ويُكثِرُ الصلاة، فأقام على ذلك مدَّةً، فكان إذا قعد إليه رجلٌ ذاكَرَه في أمر الدينِ وزَهَّدَه في الدنيا وأعلَمَه أنَّ الصلاة المفروضةَ على الناسِ خمسونَ صلاةً في كلِّ يومٍ وليلة، حتى فشا ذلك عنه بموضِعِه، ثمَّ أعلَمَهم أنَّه يدعو إلى إمامٍ مِن آل بيتِ الرَّسولِ، فلم يزَلْ على ذلك حتى استجاب له جمعٌ كثيرٌ، وكان تأثَّرَ أصلًا بالحسين الأهوازي صاحب الإسماعيليِّين، واستلمَ الزَّعامة حمدانُ بعد موت الحسين، فابتنى دارًا لأتباعِه بالكوفة، وفرَضَ على أتباعه مبلغًا يدفعونَه ويَصرِفُه هو في الدَّعوة، كما جعل من أصحابِه اثني عشر نقيبًا، واشترى السلاحَ وأخافَ النَّاسَ فلَحِقَ به بعضُهم خوفًا، وكان القرامِطةُ دُعاةً للإسماعيليَّة في البداية، ثم انحرفوا عنهم بعد أن انحرَفَت الدعوة في السلميَّة- مقر الدَّعوة الإسماعيلية- ولم تعد لأولاد محمَّد بن إسماعيل بل لأولاد عبدالله بن ميمون القدَّاح- ابن مؤسِّس الدعوة- فبدأ بالدعوة بطريقٍ آخَرَ مخالِفًا عن الإسماعيليين؛ مما ولَّد الشقاق بينهم، وأصبحت كلُّ دعوةٍ مُستقلَّةً بنَفسِها، ومن المعروفِ أن هذه الدعوةَ فيها إسقاطٌ للفروضِ مِن الصلاةِ والصَّومِ والحَجِّ وغيرها من التعاليم.
جفاف ماء النيل وشدة في غلاء الأسعار .
العام الهجري : 278 العام الميلادي : 891
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنةِ غار نَهرُ النِّيلِ، حتى قيل: لم يبق فيه ماءٌ، وهذا ما لم يحصُلْ من قبلُ أبدًا، فكانت شِدَّةٌ وغلاءٌ بالأسعارِ عظيمٌ، ومجاعةٌ وقَحطٌ.
القرامطة يؤسسون دولتهم في القطيف والأحساء .
العام الهجري : 278 العام الميلادي : 891
تفاصيل الحدث:

في هذا العام- وقيل عام 281هـ- جاء إلى القطيفِ رجلٌ كذَّابٌ اسمُه يحيى، يدَّعي أنَّه رسولٌ من الإمام المهدي، ويستغِلُّ رغبة المؤمنين بظهور المهديِّ؛ لتحقيقِ مطامِعِه، وأعانه على ذلك رجلٌ ثري اسمه أبو سعيد الجنابي. لكنهما كُشِفا عام 283هـ، وقُبِضَ على يحيى، أمَّا الجنابي فقد هرب، وبعد إطلاق سَراحِه ذهب يحيى للبادية، فاستمال إليه البدوَ وأعانه الجنابيُّ بأموالِه، فكوَّنوا جيشًا قويًّا من عدَّةِ قبائلَ بدَويَّة، وهاجموا القطيفَ واحتلُّوها، وكوَّنوا دولة القَرامِطة، وهرب كثيرٌ مِن الأهالي وانضموا للجيشِ العباسيِّ الذي أرسله الخليفةُ المُعتَضِد، ولكِن قوَّاتُ القرامطة هَزَمت العباسيِّينَ. وفي نفس السنة هاجموا الأحساءَ واحتلُّوها. وفي عام 301هـ اغتِيلَ الجنابيُّ قائدُ القرامطةِ، فتولى الحكمَ مَجلِسٌ عسكريٌّ سُمِّيَ بالعقدانيَّة مُهمَّتُه الوصاية على العرشِ، حتى بلوغ الابن الأكبر سعيد. ولكنَّ الابنَ الأصغرَ سليمان تمكَّنَ من إقصاءِ أخيه وتولَّى الحكم. واعترف به مجلسُ الوصاية، كما اعترف به الفاطميُّونَ حُكَّام مصر (المُعادُونَ للدولة العباسية في العراق) وفي عام 314هـ قام أبو طاهر سُليمان الحاكم القرمطي بنقل العاصمةِ إلى الأحساءِ.
ذكر قتال ابن حفصون بالأندلس .
العام الهجري : 278 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 891
تفاصيل الحدث:

خرج الأميرُ عبد الله إلى بلاي مِن عَمَل قبرة، وبها عدوُّ اللهِ ابنُ حفصون مع جماعةٍ كبيرةٍ مِن أصحابِه أهلِ الفسادِ والارتداد. وكانوا قد أضَرُّوا بأقاليمِ قرطبة، وضَيَّقوا عليهم حتى أغاروا على أغنامِ قُرطبة. فخرج إليهم الأميرُ، فناهضه وصادقه القتال، فانهزم ابنُ حَفصون ومن معه، ولجأ إلى حِصنِه مع ملأٍ من أصحابِه، وعُوجِلَ خواصُّه عن الدخول معه، فلم يخلُصْ منهم أحدٌ. فبات الأميرُ قريرَ عَينٍ، والمسلمون كذلك، وقد أخذوا عليه تلك الليلةَ البابَ؛ رجاءَ أن يأتي الصباحُ، فيُؤخَذَ داخِلَ الحِصنِ، لكنه خرج منه مع بعضِ أصحابه، ونجا ونجَوْا. ولَمَّا أصبحَ أُعلِمَ السُّلطانُ بخَبَرِه، فأرسل الخيلَ في أثَرِه، فلم يُعلَمْ له خَبَرٌ. ودخل الأميرُ الحصن فوجده مُترعًا بالذَّخائر، ملآنَ من العُدَد، وكان عددُ عسكرِ الأمير ثمانيةَ عشر ألف فارس. وقيل: إن ابن حفصون ألَّبَ أهل حصون الأندلس كلِّها، وأقبل إليه في ثلاثين ألفًا، ووقعت الحرب بينهم، فانهزم عدوُّ الله، وقُتِلَ أكثَرُ من كان معه، ودخَلَت جملةٌ منهم في مَحلَّة الأمير، فأمر بالتقاطِهم، فأُتي بألف رجُلٍ منهم فقُتِلوا صبرًا بين يديه، ثمَّ قصَدَ الأميرُ إستجة فنازلهم وحاربهم، وقتَلَ منهم عددًا كثيرًا. فلما أخذهم الجَهدُ رفعوا الأطفالَ على الأيدي في الأسوارِ، مُستصرِخينَ ضارِعينَ راغبينَ في العَفوِ، فعفا عنهم
وفاة الموفق أخو الخليفة المعتمد على الله .
العام الهجري : 278 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 891
تفاصيل الحدث:

هو الموفَّقُ بالله أبو أحمد محمد بن جعفر المتوكِّل على الله بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد, وقيل: إن اسمه طلحة، الأميرُ العباسي وقائِدُ جيش الخليفة المعتَمِد على الله. ولِدَ في بغداد عام 227ه من أمِّ ولَدٍ للخليفة المتوكِّل على الله، وتربَّى تربيةً عِلميَّةً، وكان عالِمًا بالأدب والنَّسَب، والفِقه والقضاءِ، غزيرَ العَقلِ، حسَنَ التدبيرِ، كريمًا حازمًا، ذا مَقدِرةٍ في سياسةِ المُلْك، اعتبَرَه البعضُ بأنَّه المنصورُ الثاني. كان الموفَّقُ وليَّ عَهدِ المعتَمِد على الله، إلَّا أنه كان الخليفةَ الفعليَّ. كان الموفَّقُ عادِلًا حسَنَ السِّيرةِ، يَجلِسُ للمظالمِ وعنده القُضاة وغيرُهم، فينتصِفُ النَّاسُ بعضُهم من بعض. كما يعتبَر الموفَّقُ أبا الخلفاء الثاني بعد المنصورِ؛ إذ إنَّ الخلافةَ العباسية استمَرَّت في عَقِبِه حتى سقوطِها على يد هولاكو خان عام 656ه. كما أنَّه بعث الحياةَ في الخلافة العباسية بعد أن أشرَفَت على السقوطِ بسبب حالةِ الفوضى التي سادت على يدِ الأتراك بين عامي 247 - 256 بعد مقتل الخليفةِ المتوكِّل واستبداد الأتراكِ وقادتِهم بالأمرِ وقَتْلِهم للخُلَفاء: المنتصِر، والمُستعين، والمعتَزِّ، والمهتدي، واستقلال أمراء الأطراف بولاياتهم كالصَّفَّاريين في المشرق، والطولونيين في مصر. فقد تحمَّلَ الموفَّقُ بالله أعباءً كبيرةً في سبيل تثبيت الخلافة؛ إذ تمكَّنَ من القضاءِ على ثورةِ الزِّنجِ كما تمكَّنَ من إيقاعِ الهزيمةِ بجُموعِ الصَّفَّاريين وزعيمِهم يعقوبَ بنِ الليث، الذي كان قد اقتَرَب من بغداد في محاولةٍ لإرغام الخليفة على الاعترافِ بسُلطانه على المَشرِق، كما تمكَّنَ أيضًا من الحَدِّ من توسع الطولونيِّين غربًا. أُصيبَ الموفَّقُ بمرض النقرِس في بلاد الجبل، فانصرف وقد اشتَدَّ به وجع النقرس، فلم يقدِرْ على الركوب، فعُمِل له سريرٌ عليه قُبَّة، فكان يقعد عليه، وخادِمٌ له يُبَرِّد رجلَه بالأشياء الباردة، حتى إنَّه يضعُ عليها الثلج، ثم صارت عِلَّة داء الفيل برِجلِه، وهو ورَمٌ عظيمٌ يكون في السَّاق، يسيل منه ماء، ثم بقِيَ في داره مريضًا عِدَّةَ أيام حتى توفي. لَمَّا مات الموفَّقُ اجتمع القواد وبايعوا ابنه أبا العباس بولايةِ العَهدِ، بعد المفَوِّض بن المعتَمِد، ولُقِّبَ المُعتَضِدَ بالله.
وفاة بازمان نائب مدينة طرسوس .
العام الهجري : 278 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 891
تفاصيل الحدث:

دخل أحمدُ العجيفي طرسوسَ، وغزا مع بازمان الصائفةَ، فبلغوا شكند، فأصابت بازمان شظيةٌ من حجرِ مَنجَنيقٍ في أضلاعه، فارتحَلَ عن شكند بعد أن أشرَفَ على أخذها, فتوفِّيَ في الطريق، وحُمِلَ إلى طرسوس فدُفِنَ بها. وكان بازمان قد أطاع خِمارَوَيه بن أحمد بن طولون، فلما توفِّيَ خَلَفَه ابنُ عجيف، وكتب إلى خمارَوَيه يُخبِرُه بمَوتِه، فأقَرَّه على ولاية طرسوس، وأمَدَّه بالخيل والسِّلاحِ والذخائر وغيرِها، ثم عزله خمارَوَيه، واستعمَلَ عليها ابنَ عَمِّه محمَّدَ بن موسى بن طولون.
ثورة أهل طرطوس على خمارَوَيه .
العام الهجري : 278 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 891
تفاصيل الحدث:

سببُ ذلك أنَّ الموفَّقَ لَمَّا توفِّيَ كان له خادمٌ من خواصِّه يقال له: راغب، فاختار الجِهادَ، فسار إلى طرسوس على عَزمِ المُقام بها، فلما وصل إلى الشام سيَّرَ ما معه من دوابَّ وآلاتٍ وخيامٍ وغير ذلك إلى طرسوس، وسار هو إلى خمارَوَيه ليزورَه، ويُعَرِّفَه عزمَه، فلما لَقِيَه بدمشق أكرَمَه خمارَوَيه وأحَبَّه وأَنِسَ به، واستحيا راغِبٌ أن يطلُبَ منه المسيرَ إلى طرسوس، فطال مُقامُه عنده، فظنَّ أصحابُه أنَّ خمارَوَيه قبَضَ عليه، فأذاعوا ذلك، فاستعظَمَه الناسُ، وقالوا: يَعمِدُ إلى رجلٍ قصَدَ الجهادَ في سبيل الله فيَقبِضُ عليه! ثم شَغَّبوا على أميرهم محمد ابن عم خمارَوَيه، وقبضوا عليه، وقالوا: لا تزالُ في الحبسِ إلى أن يُطلِقَ ابنُ عَمِّك راغبًا، ونَهَبوا دارَه وهَتَكوا حَرَمَه، وبلغ الخبَرُ إلى خمارَوَيه، فأطْلَعَ راغبًا عليه، وأذِنَ له في المسيرِ إلى طرسوس، فلمَّا بلغ إليها أطلَقَ أهلُها أميرَهم، فلما أطلقوه قال لهم: قبَّحَ اللهُ جِوارَكم، وسار عنها إلى بيت المقدس فأقام به، ولَمَّا سار عن طرسوس عاد العجيفي إلى ولايتِها.
الخليفة العباسي المعتمد على الله يخلع ابنه من ولاية العهد .
العام الهجري : 279 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 892
تفاصيل الحدث:

خرج المعتَمِدُ على الله، وجلس للقُوَّادِ والقُضاةِ ووجوهِ النَّاس، وأعلَمَهم أنَّه خلع ابنَه المفَوِّضَ إلى الله جعفرًا من ولايةِ العهد، وجعل ولايةَ العَهدِ للمُعتَضِد بالله أبي العباسِ أحمدَ بنِ الموفَّق، وشَهِدوا على المفَوِّض أنه قد تبرَّأ من العهد، وأسقط اسمَه من السِّكَّة، والخِطبة، والطراز، وغير ذلك، وخُطِبَ للمُعتَضِد، وكان يومًا مشهودًا.
وفاة الخليفة المعتمد على الله وتولي المعتضد بالله الخلافة .
العام الهجري : 279 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 892
تفاصيل الحدث:

هو أبو العبَّاس- وقيل أبو جعفر- أحمد المعتَمِدُ على الله بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد. ولِدَ سنة تسع وعشرين ومائتين بسُرَّ من رأى، وأمُّه روميَّة اسمها فتيان. كان أسمرَ رقيق اللون، خفيفًا، لطيف اللِّحية، أعْيَنَ جميلًا, كان مربوعًا نحيفًا, فلما استُخلِفَ سَمِنَ وأسرع إليه الشَّيبُ، استُخلِفَ بعد قتل المهتدي بالله في سادس عشر رجب سنة 256ه. مكث في الخلافة ثلاثًا وعشرين سنة وستة أيام، كان المعتَمِد أوَّلَ خليفةٍ انتقل من سامرَّا إلى بغداد، ثمَّ لم يعُدْ إليها أحَدٌ من الخلفاء، بل جعلوا إقامتَهم ببغداد، كان سبَبَ هلاكِه- فيما ذكره ابن الأثيرِ- أنَّه شَرِبَ في تلك الليلةِ شَرابًا كثيرًا وتعشَّى عشاءً كثيرًا، وكان وقتُ وفاته في القصر الحُسَيني من بغداد، وحين مات أحضَرَ المعتضِدُ القضاةَ والأعيانَ وأشهَدَهم أنَّه مات حتْفَ أنفِه، ثمَّ غُسِّلَ وكُفِّنَ وصُلِّيَ عليه، ثم حُمِلَ فدُفِنَ بسامِرَّاء، ثم كانت خلافةُ المُعتَضِد أبي العباس أحمدَ بن أبي أحمد الموفَّق بن جعفر المتوكل، كان من خيارِ خُلَفاء بني العباس ورجالِهم، بويعَ له بالخلافةِ صبيحةَ مَوتِ المُعتَمِد لعشرٍ بَقِين من رجبٍ منها، وقد كان أمرُ الخلافةِ داثرًا فأحياه الله على يديه بعَدْلِه وشهامَتِه وجُرأتِه.
وفاة الترمذي صاحب السنن .
العام الهجري : 279 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 892
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ محمَّدُ بنُ عيسى بن سورة بنِ موسى بن الضحَّاك السلمي التِّرمذي، الضريرُ، قيل: ولِدَ أعمى، والصحيحُ أنه كُفَّ بَصرُه في كِبَرِه، بعد رحلتِه وكتابتِه العِلمَ. وهو أحدُ أئمَّة الحديث في زمانه، وله المصَنَّفات المشهورة؛ منها: الجامِعُ المعروف بالسُّنَن، والشَّمائل، وأسماءُ الصحابة، وغير ذلك، تتلمذَ على البخاريِّ، رحل إلى خُراسان والعراق والحجاز، ورُويَ عنه أنَّه قال: "صنَّفتُ هذا المُسندَ الصَّحيحَ، وعرضتُه على علماءِ الحجاز فَرَضُوا به، وعرَضتُه على عُلماءِ العِراقِ فَرَضُوا به، وعرضتُه على علماء خُراسان فَرَضُوا به، ومن كان في بيتِه هذا الكتابُ، فكأنَّما في بيتِه نبيٌّ يَنطِقُ، وفي رواية يتكَلَّم"، أصيبَ بالعمى في آخِرِ حياتِه، وتوفِّي في ترمذَ، مكانِ ولادتِه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

3. سورة ال عمران {ج5}

3. سورة ال عمران {ج5}    سُورَةُ آل عِمْرانَ الآيات (187-188) ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ...